تُعدّ قضية تمكين المرأة الأردنية إحدى الركائز الوطنية التي أوليت عناية خاصة من جلالة الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبد الله، انطلاقًا من قناعة راسخة بأهمية دورها كشريك أصيل في مسيرة التنمية الشاملة، وقد شكّلت التوجيهات الملكية المتكررة أساسًا متينًا للنهوض بواقع المرأة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما يضمن حضورها الفاعل في بناء المستقبل.
جاءت الخطابات الملكية لتؤكد أن المرأة الأردنية ليست نصف المجتمع فحسب، بل هي ركيزة أساسية في الإصلاح والتطوير، وهذا التوجه انعكس على أرض الواقع من خلال تعزيز وجود المرأة في مواقع صنع القرار، وإطلاق مبادرات وطنية طموحة لتمكينها، سواء عبر التشريعات العادلة أو البرامج الاقتصادية والاجتماعية المصممة خصيصًا لدعمها من جميع الجوانب.
شهدت السنوات الماضية قفزة نوعية في مشاركة المرأة السياسية، إذ ارتفعت نسب تمثيلها في البرلمان والبلديات بفضل نظام "الكوتا النسائية" الذي جاء استجابة للتوجيهات الملكية بضمان مشاركة عادلة للمرأة، كما أسهم تعديل التشريعات المرتبطة بالأسرة والعمل في حماية حقوقها وتعزيز دورها، الأمر الذي رفع من ثقة المجتمع بقدرتها على إحداث التغيير.
لم يقتصر الدعم الملكي على السياسة، بل امتد إلى المجال الاقتصادي عبر تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل وتشجيع ريادة الأعمال النسائية، إلى جانب إطلاق برامج تمويلية ومبادرات للتعليم والتدريب المهني، فهذه الجهود أسهمت في رفع كفاءة المرأة وزيادة استقلاليتها الاقتصادية، وعلى الصعيد الاجتماعي، كان التركيز على حماية المرأة من التمييز والعنف، وتكريس الوعي المجتمعي الذي يرسّخ مبدأ تكافؤ الفرص.
ورغم هذا التقدم، لا تزال المرأة الأردنية تواجه تحديات متجذرة؛ من أبرزها ضعف المشاركة الاقتصادية مقارنة بالرجال، وارتفاع نسب البطالة بين النساء، إضافة إلى القيود الاجتماعية والثقافية التي تحول دون وصولها إلى بعض المواقع القيادية وتحد من دورها في الحياة العامة.
إن الاهتمام الملكي المتواصل يمهّد الطريق لمستقبل أكثر إشراقًا للمرأة الأردنية، لكن تحقيق هذه الرؤية يتطلب تضافر الجهود الحكومية والمجتمعية لتعزيز سياسات المساواة، وتوسيع الفرص الاقتصادية، وإزالة العوائق الثقافية والاجتماعية التي ما زالت قائمة.
لقد أثبتت التجربة أن الاهتمام الملكي لم يكن مجرد شعار، بل نهج عملي ترك بصمة واضحة في حياة المرأة الأردنية، وتحويل هذا الاهتمام إلى مكتسبات شاملة ودائمة يستدعي تكثيف العمل المؤسسي والمجتمعي، ليصبح حضور المرأة الأردنية في مسيرة التنمية حضورًا كاملًا ومتكاملًا، يليق بقدراتها وطموحاتها، ويجسّد صورة الأردن الحديث المنفتح على المستقبل.