"هي ليست مكافأة، هي حق لا جدال فيه”… بهذه الكلمات الموجزة والعميقة عبّر جلالة الملك عبدالله الثاني، يوم أمس، عن حقيقة راسخة لطالما حاول البعض الالتفاف عليها أو تجميلها بصياغات دبلوماسية باردة. فالاعتراف الأخير من بعض الدول بدولة فلسطين ليس منّة ولا هدية سياسية، بل هو استحقاق تأخر كثيراً، وواجب تفرضه القوانين الدولية، والضمير الإنساني قبل أي اعتبار آخر.
لقد جاء الموقف الملكي واضحاً وحاسماً، رافضاً لثقافة التعامل مع فلسطين على أنها "قضية تفاوضية” أو "ملف قابل للمساومة”. فالدولة الفلسطينية ليست مشروعاً افتراضياً، بل هي واقع تاريخي وجغرافي وحق أصيل لأهل الأرض. ومن هنا كان التساؤل المشروع: متى ستطبق المعايير ذاتها على الدول نفسها، بعيداً عن سياسة الكيل بمكيالين التي طالما أضعفت مصداقية النظام الدولي؟
إن ازدواجية المعايير هي الخطيئة الكبرى التي كشفتها الحرب على غزة منذ السابع من تشرين الأول 2023. فقد بدا العالم وكأنه يملك ميزاناً مختلاً: معياراً صارماً حين يتعلق الأمر بحقوق بعض الدول، ومعياراً آخر هزيلاً حين يتعلق الأمر بحقوق الفلسطينيين. وفي ظل هذا الواقع، يصبح الاعتراف بدولة فلسطين خطوة أولية لتصحيح المسار، لكنها لا تكفي وحدها ما لم تُترجم بإجراءات عملية تنهي الاحتلال وتؤسس لسلام عادل وشامل.
إن الأردن، بقيادة جلالة الملك، ظل ثابتاً في مواقفه، يرفع صوته دفاعاً عن الحق الفلسطيني، ويرفض أن يُختزل الصراع إلى مجرد تفاهمات آنية أو مصالح ضيقة. والمطالبة بتطبيق المعايير ذاتها على جميع الدول ليست مجرد خطاب، بل هي دعوة لإرساء العدالة في نظام دولي تزعزع بفعل الانتقائية والانحياز