داود حميدان –أكد اللواء الركن المتقاعد علي جرادات أن الانضمام إلى صفوف القوات المسلحة الأردنية كان شرف حياته ومسيرة عمر امتدت لأكثر من أربعين عامًا، قضاها في ميادين الواجب والالتزام والانتماء، معظمها في القوات الخاصة الملكية، حيث تدرّج في مواقع قيادية تركت أثرًا عميقًا في حياته العسكرية والمهنية.
البدايات في ميادين الحدود الأمامية
بدأ جرادات مسيرته العسكرية عام 1974، حيث التحق بمراكز التدريب العسكرية المنتشرة على الواجهة الغربية، قبل أن ينتقل إلى الكلية العسكرية الملكية ويستمر فيها حتى عام 1977.
وأشار إلى أن تلك المرحلة شكلت الأساس الصلب الذي بنيت عليه خبراته وانضباطه العسكري، إذ شهدت تدريبًا مكثفًا وإعدادًا بدنيًا وذهنيًا عاليًا جعله جاهزًا للانضمام إلى القوات الخاصة.
تدرّج في المواقع القيادية في القوات الخاصة
بعد اختياره للانضمام إلى القوات الخاصة الملكية، استلم جرادات العديد من المناصب القيادية، بدءًا من قائد فصيل وقائد سرية، وصولًا إلى مساعد قائد كتيبة وركن تدريب في قيادة القوات الخاصة.
وأوضح أن عمله كركن أول تدريب أتاح له شرف العمل بمعية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين — القائد الأعلى للقوات المسلحة — وهو ما يعتبره أحد أهم محطات حياته.
مرحلة القيادة الرفيعة (1995 – 2005)
وقال جرادات إن المرحلة الثانية من مسيرته شهدت تكليفه بقيادة تشكيلات حساسة في الجيش العربي؛ حيث استلم قيادة كتيبة تدريب قوات خاصة، وكتيبة المظليين، ولواء الملك حسين بن علي المظليين (30)، وصولًا إلى منصب قائد القوات الخاصة الملكية.
ووصف هذه المرحلة بأنها من أكثر الفترات مسؤولية وتأثيرًا، لما تضمنته من واجبات دقيقة مرتبطة بالأمن الوطني وحماية الحدود.
المناصب العليا: خبرة استراتيجية بين التدريب والعمليات
وفي المرحلة الثالثة الممتدة من 2005 حتى 2014، تولى اللواء جرادات عددًا من أهم المواقع القيادية والإدارية والتدريبية، أبرزها:
رئيس أركان العمليات الخاصة المشتركة
قائد وحدة الأمن والحماية الخاصة
قائد العمليات الخاصة
نائب رئيس جامعة مؤتة للشؤون العسكرية
المفتش العام للقوات المسلحة الأردنية
وأكد أن هذه المناصب رسخت لديه قناعة بأن المعرفة والعلم هما أساس القيادة العسكرية الحديثة، مشيرًا إلى أن حصوله على شهادتي الماجستير والدكتوراه كان دافعًا لتعزيز قدراته القيادية واتخاذ القرار بثقة واقتدار.
قائد كتيبة المظليين 91: المحطة الأبرز
وأشار جرادات إلى أن من أهم المحطات في مسيرته كانت قيادته لكتيبة المظليين 91، التي أدت دورًا محوريًا في حماية الحدود الشرقية وتعزيز الأمن الوطني، معتبرًا أن روح الفريق والانضباط والتدريب المكثف هي أسرار نجاح الكتيبة وتميزها.
موقف لا يُنسى مع الأمن الأميركي
واستذكر موقفًا خلال زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى مطار العقبة الدولي، حيث طلب الأمن الأميركي نزع الحراب عن الأسلحة خلال مراسم الاستقبال، إلا أنه أصر على الالتزام بتعليمات القوات المسلحة الأردنية، مؤكدًا أن الانضباط العسكري وسيادة الإجراءات الأردنية فوق كل اعتبار.
العمليات الخاصة: اختلاف في المهام والواجبات
وأوضح جرادات أن قيادة العمليات الخاصة تختلف عن غيرها من الوحدات، نظرًا لحجم التشكيلات وتنوع الواجبات والمهام، والحاجة الدائمة للتدريب المتواصل، إضافة إلى المشاركة المستمرة في تمارين مشتركة مع جيوش شقيقة وصديقة، ما يعزز الجاهزية والاحتراف.
دورة الصاعقة ودورة القيادة والأركان: محطات تصنع الرجال
وأكد أن دورة الصاعقة كان لها الأثر الأكبر في صقل شخصية الجندي والضابط على حد سواء، مشيرًا إلى أنه عمل مدربًا في الصاعقة والمظليين لسنوات طويلة.
كما اعتبر دورة القيادة والأركان نقطة تحول محورية في مسيرته، كونها حجر الأساس لاستلام المناصب القيادية العليا.
حفظ السلام: خبرات عالمية تعود للوطن
وتحدث جرادات عن مشاركته في قوات حفظ السلام، حيث أتاح له التعامل مع جيوش عالمية مختلفة، واكتساب خبرات في التدريب والتنظيم وتسليح القوات، وهو ما عاد بالنفع الكبير على وحدات القوات المسلحة الأردنية.
وسام الشرف الفرنسي: تقدير دولي لمسيرة فريدة
وأشار إلى أن حصوله على وسام الشرف الفرنسي من درجة كبار الضباط كان تكريمًا لمسيرة طويلة من العمل والمثابرة والانفتاح على التعاون العسكري الدولي.
انعكاس الخدمة العسكرية على شخصيته
وبيّن جرادات أن خدمته الطويلة أثرت على حياته الشخصية، لكنها تركت آثارًا إيجابية أكبر، من حيث الانضباط والدقة والالتزام والثبات في مواجهة المواقف.
نصيحة للمنتسبين للقوات المسلحة
قدّم اللواء جرادات نصيحة لأبناء القوات المسلحة، داعيًا إياهم إلى الالتفاف حول القيادة الهاشمية، ومتابعة التطور العلمي والعسكري، ليبقى الجيش العربي في طليعة الجيوش العالمية.
لحظة خالدة مع جلالة الملك
وختم جرادات حديثه باستذكار موقف مؤثر في عام 2005 خلال زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى قيادة العمليات الخاصة، عندما أثنى رئيس هيئة الأركان الصرايرة على دور القوات الخاصة على الحدود الشرقية، ليرد جلالة الملك قائلًا:
"كل ما تحدثتَ عنه قام به المقدم ركن علي جرادات قائد الكتيبة."
وقال إن هذه العبارة ستظل محفورة في ذاكرته ما حيِي.