انطلقت، اليوم الاثنين، في العاصمة عمان، فعاليات المؤتمر الإقليمي الذي تنظّمه هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية، تحت عنوان "تحويل التّعهّدات إلى إجراءات للوفاء بالتزامات استعراض بيجين+30 في الدول العربية: تبادل المعرفة حول إنهاء العنف ضد النساء والفتيات".
ويشارك في المؤتمر الإقليمي، الذي تستمر جلساته على مدى يومين، نخبة من المسؤولين الحكوميين، والخبراء القانونيين والسياسيين، ومقدمي الخدمات من الدول العربية، والمنظمات الإقليمية، ووكالات الأمم المتحدة وشركاء تنمويين؛ بهدف تعزيز التعلّم المُتبادل وتبادل الخبرات والممارسات الجيدة، دعمًا للجهود الرامية لتسريع الإصلاحات والقضاء على العنف ضد النساء والفتيات في الفضاءات الخاصة والعامة والرقمية، بالتزامن مع حملة الـ16 يومًا لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات.
ومندوباً عن وزيرة التنمية الاجتماعية رئيسة اللجنة الوزارية لتمكين المرأة، قال أمين عام الوزارة الدكتور برق الضمور، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إن العنف ضد المرأة لا يقع عليها فحسب، بل يؤثر على المجتمع بأسره، الذي يفقد الاستفادة الكاملة من نصف القوى الفاعلة فيه؛ ما يستدعي تعزيز السياسات والتدابير الوقائية ذات العلاقة.
وأشار الضمور إلى أنه استناداً إلى التزامات الأردن الدولية، وإلى رؤى التحديث الملكية (السياسية والاقتصادية والإدارية)، فقد نفّذ الأردن خلال السنوات الماضية إصلاحات تشريعية ومؤسسية شملت عدداً من التعديلات الدستورية، وتطوير قوانين الانتخاب والأحزاب والعمل والضمان الاجتماعي والشركات، وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، وإطلاق الخطة الوطنية الثانية للقرار الأممي 1325، واستراتيجية تمكين المرأة في رؤية التحديث الاقتصادي، والاستراتيجية الوطنية للمرأة، والاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية.
وأوضح أن الأردن اعتمد أولوياته الوطنية للسنوات الخمس المقبلة فيما يتعلق بتنفيذ إعلان ومنهاج عمل "بيجين"، وذلك عبر مسارات تشمل تعزيز المساواة وعدم التمييز، وتعزيز منظومة الحماية والقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، بما في ذلك مواجهة العنف الرقمي، وتطوير الخطاب الإعلامي، بالإضافة إلى تمكين المرأة اقتصادياً وزيادة مشاركتها في سوق العمل، وتعزيز الحماية الاجتماعية.
وأوضح الضمور أن التعاون الإقليمي والدولي وتبادل أفضل الممارسات في مجالات تمكين المرأة، يُعزز قدرة الدول على ابتكار حلول فعّالة ومستدامة، ويتيح الاستفادة من التجارب الناجحة، ويحفّز الابتكار في تصميم البرامج والمبادرات التي تحقق العدالة والتنمية المستدامة.
بدروها، أكّدت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، المهندسة مها علي، أهمية عقد هذه الورشة الاقليمية التي ستتيح تبادل التجارب حول أفضل الممارسات بين الدول العربية في مجال تعزيز منظومة الحماية من العنف ضد النساء والفتيات.
وقالت علي، إن التقدّم المُحرز في مجال تمكين المرأة الأردنية وتعزيز دورها وتوسيع مشاركتها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لطالما كان ولا زال مدعوما بإرادة سياسية قوية ورؤى ملكية تجسدت في سياسات وتشريعات واستراتيجيات داعمة لدور فاعل للمرأة الأردنية في التنمية الوطنية المستدامة.
وأضافت "استجابة لالتزامات الأردن الوطنية والدولية، تم استكمال المراجعة الوطنية الشاملة السادسة للتقدّم المُحرز في تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين (بيجين +30) العام الماضي، وشكّلت هذه المراجعة فرصة لإجراء مشاورات وطنية لتقييم مسيرة تمكين المرأة والتوافق على الأولويات الوطنية للسنوات الخمس المقبلة، والتي من ضمنها الحدّ من العنف ضد النساء والفتيات".
من جانبه، أكّد الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة، الدكتور محمد مقدادي، أن الأردن راكم تجربة متقدمة في تطوير التشريعات والسياسات والبرامج الخدمية في مجالات حماية الأسرة والمرأة والطفل، وهي تجربة لم تقتصر آثارها على المواطنين الأردنيين فحسب، بل امتدت لتشمل جميع من يقيمون على أرض المملكة، مشيرا إلى السعي للانتقال من مرحلة الإطارين التشريعي والسياسي إلى مرحلة الأثر عبر ترجمة هذه الالتزامات إلى واقع خدمي ملموس.
وأضاف مقدادي إن هذه الجلسات الفنية ليست لمناقشة الوعي فحسب بل لتصميم حلول؛ وأن الوعي لا يمنع عنفا ولا يضمن وصول الناجية إلى ملجأ آمن، أو محاكمة عادلة، أو تعويض اقتصادي يُمكّنها من الخروج من دائرة العنف؛ فجوهر التحدي هو الانتقال من القوانين إلى التطبيق، ومن الخدمات إلى الجودة والتوسّع، ومن التمويل إلى الاستثمار الاستراتيجي، ومن البيانات إلى السياسات الفعّالة ومن الاستجابة إلى الوقاية.
إلى ذلك، قالت نائبة المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية يانيكا فان دير غراف-كوكلر: "إن الانتقال من التعهدات إلى التطبيق على أرض الواقع يتطلّب أكثر من مجرد إعادة تأكيد التزاماتنا؛ فهو يستدعي تعزيز التشريعات الوطنية، وتفعيل القوانين القائمة، والاستثمار في خدمات تراعي احتياجات الناجيات وتُمكن النساء والفتيات من الوصول إليها دون خوف".
وأوضحت أنه في المنطقة العربية الذي يُحدث فرقًا، هو: التشريعات الشاملة، والكوادر القضائية والأمنية المُدَربة، والبيانات الموثوقة التي تكشف واقع الناجيات، والاستجابات متعددة القطاعات التي تتعامل مع العنف بجميع أشكاله، بما في ذلك العنف الرقمي.
وتناقش جلسات المؤتمر التحديات المستجدة في مجال العنف ضد النساء والفتيات، بما في ذلك العنف المُيسَّر تكنولوجيًا، وكذلك يستعرض المشاركون إصلاحات قانونية ونماذج خدمات واعدة من مختلف أنحاء المنطقة العربية، وتجارب وممارسات ناجحة من دول أخرى بما يدعم الوفاء بالتزامات "بيجين +30" الرامية إلى إنهاء العنف ضد النساء والفتيات.