أقام منتدى الوسطية للفكر والثقافة ندوة توعوية بعنوان "أسرار الأسرة الناجحة: رؤى عملية لحفظ الميثاق الغليظ" يوم الأربعاء الماضي ، شاركت فيها الدكتورة منى صالح، أكاديمية وباحثة في العلوم الشرعية، والأستاذة عابدة المؤيد، متخصصة في الفقه الإسلامي وخبيرة في شؤون الأسرة، وأدارت الندوة الدكتور خولة الخوالدة، رئيسة لجنة المرأة في منتدى الوسطية للفكر والثقافة.
في مستهل الندوة رحبت الدكتورة خولة باسمها وباسم الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية، المهندس مروان الفاعوري بالمشاركات والحضور، وشكرتهم على حضورهم ومشاركتهم في هذه الندوة.
وأكدّت في بداية كلمتها على أهمية الزواج ومكانته، الذي سماه الله في القرآن الكريم بـ"الميثاق الغليظ"، وهو ما يستدعي منا جميعا الاهتمام بكل ما يحفظ الأسرة، ويديم الرحمة والمودة بين الزوجين.
من جهتها أشارت الدكتور منى صالح إلى أهمية موضوع الزواج وبناء الأسرة بناء صحيحا وعلى أسس قويمة، وهو ما تراجع الاهتمام به في مجتمعاتنا المعاصرة، ما نتج عنه أزمات ومشاكل اجتماعية عديدة، وأدّى في الوقت نفسه إلى ارتفاع نسب الطلاق، وكثرة قضايا الخلافات الزوجية المنظورة في المحاكم الشرعية.
ولفتت إلى أن الله تعالى أعلى من قيمة الزواج ونص على عظيم مكانته، وسماه بـ"الميثاق الغليظ" بكل ما تحمله الكلمة من دلالات ومعاني عميقة، وهو ما يتطلب منا جميعا الاهتمام به، والعناية بكل ما من شأنه المحافظة على الحياة الزوجية واستدامتها.
ونبهت الدكتورة صالح إلى أهمية إبراز الغاية من الزواج في الإسلام، والتي تنتظم في منظومة تحقيق العبودية لله، وأداء العبادة بحقها، وأن منظومة بناء الأسرة تبدأ من تفهم حتمية البقاء بدوام التناسل بين الجنس البشري، وحفظ الحياة الإنسانية، وإرادة بناء أسرة صالحة، في إطار المحافظة على القيم الدينية والاجتماعية المطلوبة.
وأضافت إن الميثاق الغليظ مبني على "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، مشيرة إلى جملة من التحديات التي تواجه الأسرة، من اختلاف الطباع والثقافات والبيئات، وعدم تفهم كل من الزوجين لحاجات بعضهم بعضا، وهو ما يفضي إلى كثرة الخلافات الزوجية، والتي تزيد من نسب الطلاق، وكثرة قضايا الشقاق والنزاع والخلاف بين الزوجين.
وفي السياق ذاته قالت الباحثة والداعية، والخبيرة بشؤون الأسرة، عابدة المؤيد إن ارتفاع نسب الطلاق سواء أكان في الأردن (40%)، أو في دول عربية وإسلامية أخرى دفعتها لدراسة الأسباب ا لكامنة وراء ارتفاع تلك النسب، وتحليلها وتقديم التوصيات التي يمكن أن تقلل منها.
وأشارت إلى جملة من الأسباب الكامنة وراء ارتفاع نسب الطلاق، من أبرزها عدم حسن الاختيار، وكثرة توجيه الملاحظات بين الزوجين في مختلف شؤون الحياة ما يتسبب في كثرة الاختلافات بين الزوجين، ما يفضي إلى ذهاب الرحمة والمودة بينهما، وحلول النفور بينهما محل ذلك.
وأضافت كما أن من الأسباب اختلاف الطباع، وفرق العمر، وفرق الخبرة، واختلاف البيئات والثقافات، داعية إلى أهمية أن يراعي كل من الزوجين ما الذي يحبه الآخر، فيجتهد في فعله لاستدامة المودة بينها، وأن يعرف كل منهما الأسلوب المناسب في تعامل بعضها مع بعض.
وختمت مشاركتها بالتحذير من خطأ تبادل الأدوار بين الزوجين، وأن يقوم كل منهما بالدور المطلوب منه، والمناط به، ولا مانع من التعاون بينهما في إدارة شؤون البيت، للمحافظة على الأسرة، مع أهمية تقدير الزوجين لبعضهما البعض، وتبادل الاحترام بينهما.
وفي ختام الندورة أجابت المحاضرتين على أسئلة واستفسارات الحضور، وأكدتا على أهمية تبادل المعرفة، والخبرات العملية لتعزيز نجاح الحياة الأسرية واستقرارها، والمساهمة في تقليل نسب الطلاق المرتفعة في مجتمعاتنا المعاصرة.