نيروز الإخبارية : نيروز الاخبارية _ كتب: د. صبري ربيحات.
في سبعينيات القرن الماضي يوم كانت الاحلام ممكنة، وكان للعمل العام مذاق كان في الفضاء السياسي والاعلامي والاكاديمي العشرات من النجوم يحضون بتقدير وحب واعجاب الاردنيين في الريف والمدن وفي البادية . كان للرجال والنساء الذين قادوا المؤسسات الوطنية هيبة ومصداقية واحتراما يصعب وصفا .وكان لهم سمتا يبعث على الثقة باقوالهم وافعالهم فقد كان الصدق عنوان العمل وكانت الوجوه التي تتناوب على المواقع المتقدمة في الدولة معروفة وسيرة الجميع معروفة للناس كان سالم المساعدة وقاسم الريماوي وسعيد التل وذوقان الهنداوي وحكمت الساكت وعبدالحميد شرف وسليمان عرار وغيرهم ممن عملوا في الخدمة قبل ظهور الخصخصة وفرسانها الجدد ممن عملوا هنا وفي الجوار بلا حدود.
في تلك الايام المليئة بالامل والحب والثقة وقبل حوالي 39 عاما ظهرت معالي السيدة انعام المفتي كأول وزيرة للتنمية الاجتماعية بعد ان شغلت قيادة وحدة المرأة في الوزارة. لقد كانت انعام المفتي احدى اجمل الصور للمرأة الاردنية المثابرة المثقفة الطموحة الواعية. فقد كانت مليئة بالطاقة والحماس حريصة على ان تنهض بالملف الاكثر اهمية يوم كانت البلاد في طريقها للتحول من مفاهيم الرعاية الى نظريات التنمية حيث اعادت هيكلة الوزارة واسست مركز البحث والتدريب للتنمية الريفية في علان وعملت على دفع الحركة النسوية نحو افاق تتيح لها العمل والمشاركة والتعبير.
في تلك الايام كانت الوزارة تعج بخبراء التنمية وعلماء الاجتماع فقد كان الدكتور ابو شيخة يدير مركز علان وكان عبدالله الخطيب وعصام العجلوني وسري ناصر وعلي عثمان والعشرات من الخبراء ممن تم استقطابهم بعملون غير بعيدين عن البرامج الطموحة التي نسقها عصام الزواوي وعبدالله ابو العطا..
بعد ان اسست المرحومة لمسيرة رائدة انتقلت لتعمل مستشارة للملكة نور ومديرة لمؤسسة نور الحسين حيث عملت على اغناء الثقافة والمجتمع بعشرات المبادرات والمشاريع الريادية في التنمية والفنون والحرف والموسيقى والصحة والاعلام والتعليم وغيرها . لقد كانت تحرص بكل ما اؤتيت من قوة وخبرة وسلطة على التميز ولا تقبل ما لا يرقى الى اعلى المعايير فاسست مدرسة اليوبيل والمعهد الموسيقى ومركز الدراما والفنون الادائية ومؤتمر الاطفال العرب ومركز التدريب الحرفي وعشرات المشاريع التي اشرفت عليها بحرفية واقتدار.
في الاعوام الاخيرة من عملي الشرطي جرى انتدابي للعمل بمعية الراحلة الكبيرة مديرا للتخطيط والدعم الفني للمشاريع حيث تعلمت الكثير من لباقتها ودبلوماسيتها وقدرتها على المتابعة والتوجيه ومع انني لم امضي الا عامين في المؤسسة فقد غادرتها وان احمل في ذاكرتي مئات الصور لنموذج من النساء يصعب ان تصادف مثيلا له في ايامنا هذه...
لروحك الرحمة والسلام... ولك مني ومن المئات الذين عرفوك عن قرب المحبة والاحترام.