أنحاز للبيان الذي أصدره دولة السيد طاهر المصري لتوضيح أسباب انسحابه من "التجمع الوطني للتغير" ولهذا الانحياز أسباب منها: أنني كنت وجماعة عمان لحوارات المستقبل جزءً من الحوارات التي كان يجريها دولته، والتي أشار إليها في مطلع بيانه، كما كنا جزءً من اللقاءات التي استضافتها قبل أشهر جمعية الشؤون الدولية للبحث في شؤون البلاد، لكننا في الحالتين لم نكمل المشوار وانسحبنا مبكراًلأنه في الحالتين كان الأمر يقوم على خليط من الأشخاص ليس بينهم رابط فكري ولا سياسي ولا اجتماعي، ولم تكن رؤيتهم موحدة، وهو ما أظهرته النقاشات التي كانت تتراوح من أقصى اليمين إلىأقصى اليسار، ومن أشد درجات التطرف إلىأدنى درجات الانبطاح، ومثل هذه التجمعات لا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة، لأنه لا يجمعها إلا المجاملة لبعض الرموز السياسية، لذلك أثرنا في جماعة عمان لحوارات المستقبل أن نحافظ على استقلاليتنا، وعلى أسلوبنا في العمل الذي يعتمد تعظيم الإيجابيات والبناء عليها، من خلال العمل الجاد الذي يطرح البدائل في شتى المجالات بدلاً من الاكتفاء بالندب وتعظيم السلبيات.
سبب آخر يدعو للانحياز إلى طاهر المصري، يتمثل في معرفة وثيقة بالرجل، تكونت خلالها قناعات مشتركة، جعلت دولته يستفسر بأدبه الجم عن إمكانية أن يتبنى بعض الأفكار والاقتراحات التي تضمنتها رسالة جماعة عمان لحوارات المستقبل التي أرسلتها إلى عدد كبير من الشخصيات الأردنية، حول ما يعيشه وطننا من تحديات وسبل الخروج منها، وقد كان هذا مصدر اعتزاز لنا عزز من حجم التلاقي بيننا خاصة على نقطة جوهرية، تجمع عليها أغلبية الأردنيين، وهي أن بلدنا بحاجة إلى عملية إصلاح، لذلك يمقت الأردنيون شعار التغيير باستثناء قلة قليلة لا تذكر بالنسبة لجموع الأردنيين، وفي هذه فإنني أشهد أن دولة أبي نشأت لم يؤمن بشعار التغيير حتى وهو في أشد حالات عتبه أو غضبه، فقد ظل في كل الحالات منحازاً لخيار الدولة ومؤسساتها واستقرارها، وهذه وحدها تكفي كي ننحاز إلى موقفه الأخير، خاصة في هذه الفترة الحرجة من تاريخ بلدنا، الذي يتعرض فيها إلى ضغوط خارجية غير مسبوقة، مما يوجب على كل المخلصين الالتفاف حول الدولة ومؤسساتها، وهذا يستدعي إعادة ترتيب أولوياتنا، فعندما تكون النيران في محيط المنزل، فإن العقل يقتضي أن ينصرف أهله من الجدل حول تجديد أثاثه على إطفاء النيران من حوله، حتى لا تمتد إليه، فعلى الأردنيين أولاً أن يوحدوا صفوفهم لحماية دولتهم من المخاطر والضغوط الخارجية، وبعد تجاوز هذه الضغوط والمخاطر يمكننا أن نرفع الصوت موحداً لإعادة ترتيب غرفها الداخلية، وهو بالضبط ما دعى إليه دولته في بيانه التوضيحي الذي أكد فيه إنحيازه إلى خيار الدولة، وهذا الموقف الواضح لطاهر المصري في انحيازه للدولة الأردنية يكفي وحده كي ننحاز إليه.