يعتبر المتحف الأفريقي الأمريكي ثمرة من ثمار النضال المستمر للأفراد والمؤسسات الأفريقية الأمريكية ضد العنصرية والعبودية.
كما يعد نتيجة حتمية للسعي الدؤوب لنيل الحقوق المدنية الذي استمر على الرغم من الإحباطات الكثيرة التي اضطر الأفريقيون لمواجهتها بل والقفز عليها منذ بدايات القرن الماضي وصولا للعام 2016 حيث تم افتتاح المتحف الذي يحوي ما يقارب 37 ألف قطعة أثرية تتعلق بمواضيع مثل المجتمع والعائلة والفنون البصرية والمسرحية والدين والحقوق المدنية والعبودية والعزل العنصري. وقد حاربت المؤسسات المختلفة لعقود من أجل الاستقلال السياسي والمالي والأكاديمي عن الحكومات المحلية التي يهيمن عليها البيض والعنصرية أحيانا.
ويخشى الآن أن يفقد الأفريقيون ذلك الاستقلال الذي نالوه بصعوبة حيث أن مظاهر العنصرية ما زالت موجودة إذ أن واحدا من ثلاثة من الأفريقيين الأمريكيين يجب أن يقضي جزءا من حياته في السجن الذي أصبح شكلا آخر من أشكال العبودية، حيث يعمل السجناء في المزارع دون مقابل.
يحكي المتحف قصص النجاح والتميّز للأفريقيين الأمريكيين من أجل إبراز دورهم الكبير في المساهمة في الإنجازات الرياضية والفنية والثقافية والعلمية والعسكرية وغيرها من المجالات، كما يبرز قصص النضال المستمر والمعاناة الكبيرة لتطوير وتغيير الكثير من التشريعات الأمريكية لدعم مسيرتهم.
كان للمساهمة المادية للمؤسسات والشخصيات البارزة أثرا كبيرا لترسيخ فكرة المتحف وتحقيقها على أرض الواقع وليصبح المتحف من المتاحف التي تستقبل الملايين سنويا من مختلف الأعراق والجنسيات للتعرف على الإرث الأفريقي الأمريكي وتاريخ نضال شعب استحق الوجود والاحترام بل والتفوق في مجالات عدة.
يعاني العرب في الوقت الحالي من تحديات عنصرية باتت واضحة بشكل مخز عبر العالم، أسهم الإعلام والسياسات المنحازة في خلقها وتكريسها على مدى عقود حتى بات أثرها أكثر من واضح وأكثر من مؤثر على أمة كاملة آن لها أن تنهض للدفاع عن نفسها وإبراز قضاياها العادلة للعالم أجمع بدءا بالقضية الفلسطينية والكارثة العراقية والتدمير المتعمد لسوريا وصولا للتدخل السافر في مستقبل الوطن العربي الكبير لإعادة تشكيله ورسم حدوده من جديد في اتفاقيات جديدة ستتفوق ظلما على سايكس بيكو وغيرها من الاتفاقيات المظلمة التي دبرت بليل للنيل من وطننا الكبير.
لتغيير الصورة النمطية عن العرب نحن بحاجة للكثير من العمل الجاد والمتواصل على كافة الصعد، وتقع مسؤولية هذا العمل على عاتق كل واحد منا أيا كان مجال عمله، فهو جهد جماعي لن يثمر إلا بالعمل المؤسسي والفردي، فالعالم العربي لا تنقصه رؤوس الأموال القادرة، لو تم توجيهها إلى الوجهة الصحيحة، على خلق قوة عربية يحسب لها ألف حساب على الرغم من سيطرة الدكتاتوريات السياسية المتحكمة في العالم أجمع.
فكما تمكنت الكثير من الشعوب المقهورة فوق الأرض من إثبات وجودها وفرض احترامها على العالم، على الأمة العربية أن تفرض احترامها وتبرز تفوقها، وعليها أيضا التخلي عن فكرة التواكل التي أخذتها على عاتقها لمدة من الزمن كانت كفيلة برميها مئات السنين خلف الكثير من الحضارات في العالم بعد أن كانت قوة عظمى يشار لها بالبنان.
المحزن والمخزي في الأمر أن ما وصلت إليه الأمة العربية من تراجع تحقق بنسبة كبيرة على أيدي العرب أنفسهم وسيتحقق المزيد منه على أيديهم أيضا إن بقينا أمة نائمة سلمت أمرها للتهلكة واكتفت بالدعاء على الأعداء ومن والاهم.