لن أنسى دموعك "الغالية" التي ذرفتها حين علمت بوفاة الحسين ..
لم يكن بالنسبة لك "ملكا" ولا قائدا فحسب، بل كان رفيق سلاح ..
كتفك كان بكتفه، وسلاحك سلاحه وانتم والجيش تغرسون وطنا ..
كيف لا تذرف الدموع وانت لم تكن تعرف إلا هناك وطن يجب أن يحيا .. ولا حياة بدون قائد ..
اليوم نحتفل بعيد الجلوس، وعيد الجيش ..
كيف لا أعرف هاتان المناسبتان وما زالت صورتك أمام عيناي وانت تسري إلى المعسكر بكامل قيافتك العسكرية معتزا بنفسك وكأنك ملكت الأرض وما عليها ..
لم تكن "مرسيدس" فاخرة تنتظرك أمام الباب ..
ولا "فورويل" ولا حرس ..
وحتى وأنت ترتدي "التكميل"، كنت تقفز إلى الكونتنتال سعيدا إلى جانب رفاق السلاح ..
لم تتوجهوا يوما إلى احتفال فاخر في فندق خمس نجوم، ولا احسبك يوما دخلتها ..
كنت تحط في معسكر سلاح الهندسة في الزرقاء، حيث تاج الكرامة والعز .. والوطن ..
لم يكن طعامكم يوما "بوفيه مفتوح" ولا تواصي من مطعم فاخر، بل كان طعاما تطهوه سواعدكم في طناجر كنت تصفها لنا ونحن نتحلق حولك وانت تحدثنا عن تفاصيل ذلك اليوم بأن "زلام اثنين بقعدوا فيها" .. وكنا ننبهر !!
تمنيتك أن تكون اليوم بيننا والوطن يحتفل بعيد الجلوس، وعيد الجيش ..
هو عيدك .. وعيدنا .. وعيد الوطن ..
انت الأحق بأن أعايد عليك .. فكل عيد وطن وجلوس وجيش .. وروحك مطمئنة وهانئة بين يدي ربها ..
قدر لك أن نلت شرف الجندية على ثرى القدس وفلسطين ذات يوم "نكسة" بكيت فيه على زملاء لك قضوا على الأرض الطاهرة، وفرحت لهم أن نالوا الشهادة ..
وقدر لك أن تحيا بعد "يوم كرامة" كنت فيه مشروع شهيد ..
وقدر لنا أن ترتوي عيوننا برؤياك بعد غياب في ساحات الوغى وانت تدافع عن وطن ذات أيام سوداء ..
وقدر لك أن تبكي الحسين بعد طول مرض، وأن تفرح لعبدالله وهو يتسلم الأمانة، ولتصعد روحك إلى باريها وأنت مطمئنا أن الوطن بخير، ومستمر، وأن الراية التي دافعت عنها ما زالت شامخة عالية ..
الوطن يعاني، لكنه لم يضع، ففيه رجال مخلصون، وشعب يضحي ويضرب على يد الفاسدين ..
القدس لم تعد بعد، لكنها ما زالت في وجدان الشعب والقيادة، واليوم فيها عرس كما في عمان ..
المعسكرات ما زالت عامرة بجنود نشامى، للدفاع عن الوطن دائما متأهبون ..
نم قرير العين يا أبتي، فإن ذكراك، وذكرى كل شريف ممن حملوا أرواحهم على أكفهم فداء للوطن يوما، ما زالت حية في ضمائر حية ..