تتفاعل قضية حملة الدكتوراه المتعطلين عن العمل، وتزداد ضغوطهم على وزارة التعليم العالي والنافذين في الحكومة وكذلك على إدارات الجامعات الرسمية لاستيعابهم في التعليم الجامعي. يبلغ عدد حاملي الدكتوراه من المتعطلين عن العمل حسب الإحصائيات المتاحة (350) شخص أكثر من 92% منهم في تخصصات إنسانية.استطاع هؤلاء تنظيم أنفسهم واستخدام المنصات الإعلامية لممارسة الضغط على الحكومة في الوقت الذي لا ترغب فيه هذه الحكومة أو غيرها أزمات إضافية أو وقودا لحراك سياسي امتد على مدار سنوات.
نعم نعتقد أن من حق حملة الدكتوراه البحث عن فرص عمل ووظائف يعتاشون منها ،ولكن أعتقد أنه ليس بالضرورة أن تكون الجامعات الرسمية ، أو حتى الخاصة هي المكان الأنسب لهم جميعا.فكثير من الزملاء من حملة الدكتوراه حصلوا على تعليمهم وشهاداتهم من جامعات بطريقة الانتساب ولم يدرسوا مادة صفية واحدة ،وإنما اقتصر تعليمهم على كتابة رسالة الدكتوراه مما لا يضمن أن هؤلاء قد تم تأهيلهم بالشكل الصحيح ليكونوا مدرسين في الجامعات في حين يمكن أن يكونوا ملائمين للعمل في مؤسسات إدارية غير تعليمية أخرى. نسبة ضئيلة من حملة الدكتوراه وربما لا تتجاوز 5-10% يمكن أن يكونوا مؤهلين ويمكن استيعابهم إذا كان هنالك حاجة في الأقسام والتخصصات في الجامعات الرسمية.
كثير من الزملاء من حملة الدكتوراه المتعطلين عن العمل ومن مؤازريهم يركزون في تقديم قضيتهم على أنهم مواطنون أردنيون ومن حقهم العمل بالجامعات وهذا لا ينكره أحد ،ولكن ألا تعتقدون يا سادة بأن الطلبة في الجامعات ،وهم سبب وجود هذه المؤسسات التعليمية وسبب استمرارها، ألا تعتقدون أن هؤلاء الطلبة هم أيضا أردنيون ويستحقون أن نؤمن لهم أفضل الكفاءات من المدرسين المؤهلين! ألا تعتقدون أن المدرس الذي لا تتوفر فيه الكفاءة يستمر في التدريس ويخرج آلاف الطلبة ممن يعوزهم القدرات والمهارات اللازمة! كيف يستوي الأمر ونحن نتحدث يوميا ومن خلال الخطط الإستراتيجية للجامعات وخطط وزارة التعليم العالي عن جودة مخرجات التعليم في الوقت الذي تمارس فيه ضغوط على الجامعات لتعيين المئات من حملة الدكتوراه الذين اختاروا هم بأنفسهم متى يكملون دراساتهم العليا ،وفي أي تخصصات ،وفي جامعات كثير منها ربما لا تتوفر فيه مستويات مقبولة من التعليم العالي! المعايير التي وضعتها وزارة التعليم العالي والتي تستخدمها لأغراض معادلة الشهادات لا تضمن بالضرورة أن خريجي الدراسات العليا من الجامعات العربية والأجنبية ملائمين للتدريس الجامعي ،فهذه المعايير تركز على الإقامة لشهور محددة في الدولة التي حصل الطالب على شهادة من إحدى جامعاتها وهذه الإقامة لا تضمن بالضرورة أن يدرس الطالب أي مادة عملية.
وقبل أن أختم فإن اتخاذ الأساتذة العرب الذين يعملون في جامعاتنا الرسمية ذريعة وسببا للبطالة في حملة الدكتوراه من الأردنيين، فإننا نقول بأن هؤلاء ليسوا عمالا ولا حرفيين ولكنهم أساتذة ومعظمهم حاصل على رتبة الأستاذية في تخصصاتهم ،وتم استقدامهم وفق معايير الإعلان والتنافس ووفق حاجات الجامعات.أنا أعتقد بأن عملية إحلال الأردنيين المتعطلين عن العمل محل المدرسين العرب في جامعاتنا فيه ظلم كبير للطلبة وللتعليم العالي.التعليم ليس وظيفة ولكنه رسالة وينبغي أن نتعامل معها على هذا الأساس ، ولا نمكن أحد من الولوج في هذه العمل إلا من توفر فيه الحد الأدنى من الكفاءة والقدرة على التدريس والبحث العلمي. أخيرا أكرر بأن المتعطلين عن العمل من حملة الدكتوراه هم أردنيين ويستحقون أن نجد لهم عملا ولكن ليس بالضرورة في الجامعات ،إلا من تثبت كفاءته. طلبتنا في الجامعات أردنيون أيضا وعلى إدارات الجامعات أن تدافع عن حقوقهم وأبرز هذه الحقوق تأمين مدرسين مؤهلين وليسوا فقط من حملة شهادات الدكتوراه