نيروز الاخبارية: العدالة الاجتماعية والتميز بين الافراد
بقلم محمد الجبور
العدالة الاجتماعية من المفاهيم الأكثر تداولاً في أيديولوجيات ونقاشات الأحزاب السياسية والجمعيات الثقافية، فهي تشكل الحصان الذي يمتطي، من خلاله، السياسي أو النقابي، الرأي العام، بتقديم وعود خالصة للأفراد والجماعات.
بداية، تأتي العدالة الاجتماعية تطبيقاً لمفهوم اقتصادي اجتماعي يهدف إزالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع وإعادة توزيع الدخل القومي مع التأكيد على مبدأ تكافؤ الفرص.
والتطبيق الحقيقي لمبدأ العدالة الاجتماعية من الناحية العملية يوجب التمييز بين العدالة الاجتماعية بين الأفراد من جهة، والعدالة الاجتماعية بين المجموعات المكوّنة للمجتمع من جهة ثانية
فعلى المستوى الفردي نجد أن وثيقة
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي صدرت في باريس عام1948 تنص في المادة الأولى منها على انه: " .
يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق".
إن من مقتضيات العدالة الاجتماعية أن يكون الأشخاص الموجودين في ظروف متماثلة خاضعين لمعاملة مماثلة وبالأسلوب نفسه، وأن تعطى لهم الفرص نفسها ويتساووا في الحقوق ويخضعوا لنفس الواجبات .
العدالة الاجتماعية التي تؤكد على مبدأ تكافؤ الفرص في الاتفاقيات والمواثيق الدولية توجب على الدولة المصادقة عليها بخطط تنفيذية من أجل تطبيقها و اداخلها ضمن التشريعات القانونية و العمل على إتاحة الفرص التعليمية الأكاديمية لجميع الأفراد على قدم المساواة، لتحقيق نفس الحظوظ وإتاحت فرص النجاح للجميع وتمكينهم من إثبات قدراتهم على الصعيدين الوظيفي والاجتماعي، ما يؤدي إلى إنتاج نخب اجتماعية متميزة مكوّنة من أطياف المجتمع كافة.
كذلك، توجب العدالة الاجتماعية اعتماد معايير التمييز الإيجابي بين الأفراد، فلا تمييز بين أجور الأفراد الذكور والإناث المتمتعين بذات الأهلية العلمية والوظيفية، ولا تمييز في التقديمات الاجتماعية والإنسانية للمواطنين الأصليين وأولئك المتحدرين من أصول أجنبية، ولا تمييز في الاستفادة من القطاعين العام والخاص بين شخص غير معوّق وشخص معوّق.
أما على مستوى الجماعة، فإنّ العدالة الاجتماعية تعني المساواة في الحقوق السياسية بين مكونات المجتمع الواحد. وبذلك، يتوجب على الدساتير والقوانين الأساسية الحد من تعسف الأغلبية والعمل على حماية حقوق الأقليات الاجتماعية والفكرية عبر اعتماد قوانين انتخابية تسمح للجميع بالمشاركة في الحياة البرلمانية وفي صناعة وصياغة التشريعات الاجتماعية والضريبية والصحية.
ثم تأتي العدالة الاجتماعية، من ناحية ثانية، تطبيقاً لمبدأ الإنصاف، فيؤخذ بعين الاعتبار ليس فقط مكونات المجتمع من أفراد وجماعات، إنّما ينظر إلى الفوارق الطبقية والمالية والثقافية والإنسانية بين أبناء هذا المجتمع. وهي بذلك، تعني العمل على إزالة الفروقات الاقتصادية الكبيرة والتفاوت في المستوى الاجتماعي و العمل على تقيص هذا التفاوت عبر آليات وتقنيات قانونية وإدارية تحد من الفوارق الاجتماعية المبنية على أساس مبدأ عدم تكافؤ الفرص وسوء توزيع الدخل القومي لتضمن للجميع حداً أدنى من العيش الكريم.