نحتفل اليوم بعيد الأعياد في المسيحية والذي عليه يقوم الإيمان المسيحي، وهو عيد قيامة السيد المسيح بين الأموات في مدينة القدس المتألمة، لذلك يُسمى بالعيد الكبير، ويحتّل هذا العيد في بلادنا المشرقية زخماً كبيراً روحياً وكنسياً وإجتماعياً. ولكن وبسبب ظروف هذا العام أيضاً من تفشي وباء الكورونا فسوف تُحَّدُ من المظاهر الدينية والإجتماعية المميزة في الأردن من حيث زخم المشاركة في قداديس وخدمات عيد القيامة، ومن الاستعراضات الكشفية أو المعايدات التي تعودنا عليها في الدواوين في مناسباتنا الدينية المختلفة، والتي تجمع أبناء الوطن الواحد مسلمين ومسيحيين، مؤكدة على النموذج الأردني في الأخوة والوئام والعيش المشترك في إطار المواطنة وعشق الوطن تحت ظل الراية الهاشمية الخفاقة دائماً بقيادة جلالة مليكنا عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه.
ولهذا العيد تسميتان، وكلاهما يُكمِّل بعضهما بعضاً، الفصح والقيامة. فكلمة فِصْحْ تعني العبور أي أنَّ المسيح بحياته وتعاليمه وموته وقيامته قد عبر بنا من الموت إلى الحياة، ومن حياة الخطيئة إلى حياة القداسة. وأما القيامة فهي انتصارُ المسيح على قوةِ الموت وَكَسْرُ شوكته، وفتحُ باب الرجاء لنا بالقيامة من الموت لأنّ المسح ترك في القدس قبراً فارغاً، وبحياةٍ خالدةٍ أبديةٍ مع الله في خليقته الجديدة، حيث يصنعُ الله السموات الجديد والأرض الجديدة، وحيث لا يكون لا حزن ولا وجع ولا دموع ولا أحزان ولا يكون موت فيما بعد.
وحينما نحتفل اليوم بعيد الفصح أو عيد القيامة فإنما نؤكد حقيقة إيماننا، وعلى أهمية مدينة القدس أرض الفداء والخلاص، وعلى القيم السامية التي دعانا الله لنعيشها بكل تقوى ووقار، بعيدين عن كلِّ أشكال التعصب والتزمت وحياة الإنفتاح على كلِّ الناس، ومحبَّةِ كلّ الناس مثل أنفسنا وخدمتهم الخدمة اللائقة، وكذلك التفاني في العمل والوفاء للوطن ولقائد الوطن. فحياة القيامة تعني فجرٌ جديد وَتَحَّدٍ نحو ترسيخ قيم المحبة والعدالة والمساواة والمصالحة، والوقوف في وجه الشّر بقوة الإيمان ومعونة الله.