خلال اليومين القادمين سينعقد مؤتمراً في عمان بعنوان إعلاميون ضد الكراهية، وأعتقد أن هذا الموضوع في غاية الأهمية لما للإعلام بشكل عام من أهمية أساسية في التأثير على حياة المجتمعات وتوجيه طريقة تفكريها إما نحو التفكير الإيجابي أو التفكير السلبي.
وضرورة الإعلام في غاية الأهمية لأنَّ الإعلام يشكل السلطة الرابعة في عالم اليوم والأقوى نفوذا والأسرع وصولاً وتأثيراً على حياة الناس. وقد أُسيئ استخدام الإعلام كثيراً من جهات عدة كوسيلة لبث سموم التعصب والتزمت والكراهية والعداء تجاه الآخرين لتحقيق مكاسب ربما سياسية أو أيديولوجية أو غيرها..
وما يملئ عالم اليوم هو لغة الكراهية التي لم تأت صدفة بل نتيجة ضيق أفق وانطواء على الذات وتزمّت خلقَ حالةً من الكبرياء الروحي بإمتلاك الحقيقية وكامل الحقيقة والغاء الآخر كليا ونهائياً، وبالتالي مقولة من ليس معنا فهو علينا، وضرورة محاربته ومحيِه من الوجود.
لذلك نحتاج إلى إعلام مهني وموضوعي ذات مصداقية وأول كل شيء أن يحمل المسؤولية الإنسانية في طياته، فهو ليس لتعبئة جهة على أخرى، أو تفضيل طرف على طرف، بل من أجل ايصال صوت جميع الأطراف بموضوعية، والعمل لأجل بث روح المحبة وقبول الأخر والحوار البنّاء، ونشر لغة بعيدة عن التعصب وبناء جدران وحواجز مصطنعة تفرق بين الناس على أسس دينية أو عرقية أو طائفية أو مذهبية أو جندرية، بل نشر لغة إنسانية ترسخ مفاهيم العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية والتفاعل والتعاون بين جميع بني البشر على قاعدة الإنسانية والبيت الإنساني الواحد المتعدد والمتنوع كما أراد الله خلقه أن يكون، وأن يسود بين الجميع لغة التواصل والحوار للوصول إلى فهم أعمق للحقائق الروحية ولمواجة تحدياتنا المحلية والعالمية بتشاركية تامة كما أشار إلى ذلك جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم في خطابه للأمم المتحدة، قبل أيام فالكون ليس كتلة منفصلة ومنعزلة بل كتلة متواصلة مع بعضها البعض وكل التغييرات المناخية والبيئية والوبائية وانتشار التطرف والإرهاب إنما يؤثر على كل سكان الأرض جميعها وعلى البيت الإنساني المشترك..
فالإعلام صاحب رسالة مقدسة بأن يسمّي الأشياء بمسمَّياتها بدون تسييس أو بغير انحياز أو تطاول أو اساءة وبموضوعية ومصداقية تامة لتمكين أصحاب الراي والقرار أن يتخذوا التوجهات والقرارات الجريئة والصائبة في صالح تحقيق الوئام والسلام والاستقرار.