الأردن جنّة ...كلام سليم ومنطقي وواقعي ولا غبار عليه،ففيه السهوب والسهول والجبال والأودية العملاقة،والصحراء الذهبية الصالحة للزراعة والسياحة،وهذا ما يمتلكه الأردن فوق الأرض،أما ما هو مكنوز فيه تحت الأرض،فلا يعلم به سوى الله سبحانه جلّ في علاه والعارفون في بواطن الأمور،ويقيني أننا نمتلك فوق/وتحت الأرض ما يجعلنا من أغنى دول المنطقة.
أمّا إنسانيا وحضاريا ،فإن الأردن وبحكم التكريم الإلهي لهذه الأرض الطيبة ،التي أسبغ عليها أكرم صفة وخصّها بذلك دون غيرها ،إذ قال لها جلّ شأنه :كوني أرض الحشد لنصرة أرض الرباط فلسطين،كما أعطاها الله صفة حصرية وهي بوابة فلسطين،التي عبر منها أعظم أباطرة الأرض إلى شواطيء البحر المتوسط حيث فلسطين.
يقودنا هذا الكلام إلى تفسير المرور الإجباري للأباطرة العظام المنتصرين إلى فلسطين ،ما عدا الإمبراطور الفرنسي نابليون الذي دخل عن طريق مصر بحكم المسافة،والخروج منها للمهزومين،لأن كافة الإمبراطوريات الراغبة بالخلود كانت تضع نصب عينيها الوصول إلى شواطيء البحر الأبيض المتوسط الشرقية،ما جعلها تعبر عن طريق الأردن قسرا بعد الإقامة فيه ردحا من الزمن ،إنتظارا للفرصة المناسبة،وأسست بطبيعة الحال على هذه الأرض حضارات سادت ثم بادت بحكم الحتمية التاريخية.
هذه العملية التي نتحدث عنها ،ليست محصورة في فترة محددة ،بل إستمرت منذ بدء الخليقة وإنتشار الإنسان في المعمورة،حتى زوال الخلافة العثمانية وإخراجها من المنطقة بالقوة،ولا ننسى هزيمة الرومان في شمال الأردن وتكنيسهم من المنطقة على يد المسلمين في معركة اليرموك الخالدة ،الأمر الذي أدى إلى تحرير المنطقة من ربق الرومان .
خلّف الحراك الحضاري الذي شهدته أرض الأردن إرثا حضاريا لا يقدر بثمن ،وهو هبة الله إلى كل من قطن هذه الأرض إيذانا بتنفيذ وعد الله ودخول الأقصى وكنيسة القيامة فاتحين محررين وليس حجاجا سائحين،وأجزم أن كل قدم يطأ أديم هذه الأرض المقدسة يقع على مركب حضاري مشترك،وليس حضارة واحدة ،لأن كل حضارة منتصرة كانت تبني على أنقاض الحضارة المهزومة وهكذا دواليك،ونجد ذلك في وسط العاصمة عمّان الذي يحوي عدة حضارات فوق بعضها،ولكن المسؤولين المعنيين عاجزون عن التعامل مع هذه الحالة ،ما شوّه وسط البلد.
الأردن شمالا وجنوبا ،شرقا وغربا وفي الوسط يعج بالآثار السياحية التي تعود إلى كافة الحضارات التي سادت فوق هذه الأرض ثم بادت،ومع ذلك ورغم الإكتشافات الكثيرة التي أعلن عنها ،إلا أن هذه المكتشفات لا تشكل إلا النزر اليسير مما كرم به الله هذه الأرض،الغنية بآثارها وتاريخها وبموقعها الإستراتيجي الفريد.
لدينا في الأردن أيضا مكامن أثرية وسياحية فوق المستوى ونتفرد بها ،وقام الخبير البيئي البروفيسور أحمد ملاعبة الذي لقبه الألمان ب"قيصر الصحراء"،بإكتشاف الكثير الكثير من هذه المكامن وفي مقدمتها نفق اليرموك /ديكابولس بطول 140 كيلو مترا ويربط الأردن بسوريا وفلسطين،ويمتلك ملاعبة أضخم ملف إكتشافات أثرية ليس في الأردن فحسب بل في العالم أجمع.
الكرة الآن في ملعب الحكومة أن تنظر بجدية إلى السياحة في الأردن، بجعل الأردن ورشة عمل دائمة للتنقيب عن الآثار ،والعمل على ترويج الأردن سياحيا على مستوى العالم ،وتسهيل دخول السوّاح إلى الأردن ،وتشجيع أطراف المعادلة على تخفيض الأسعار لجذب الكثير من السوّاح ،الذين يفضلون السياحة في الأردن على غيره من البلدان ،لما يتمتع به من مزايا كثيرة منها طيبة ناسه وطبيعته الجغرافية وطقسه المتنوع،ولكن غلاء الأسعار يمنعهم من ذلك ....والأمثلة كثيرة.