في تصريح منذ أيام لمعالي وزير التعليم العالي الجديد المخضرم، (بضرورة التركيز على التعليم التقني والمهني)، في ظل تهافت على التعليم الجامعي بأعداد تجاوزت ال 350 ألف طالب على مقاعد الدراسة، هم بالتأكيد والضرورة رافد رئيسي لسوق البطالة مع سبق الإصرار والترصد، وإغراق للعرض مع تدني الطلب، إذ لا يتجاوز حجم التشغيل السنوي لخريجي الجامعات 10% في أحسن أحواله، بينما يعاني التعليم التقني من تدني نسب الملتحقين وساكتب بذلك بالتفصيل قريباً، وكذلك الحال للتعليم المهني، ولكن تفعيل التعليم التقني والمهني ضمن المطروح حاليا لن يساعد في تطوير وترسيخ هذا النوع من التعليم، وكتبت كثيراً عن هذا..! ولكن لا شيء في الأفق، وإذا وجدت الإرادة الجادة فيجب تفعيل كل ما يخص التعليم المهني والتقني في الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية وعرابها الوزير الحالي، وكذلك و ونحن ندخل المئوية الثانية لمملكتنا الحبيبة، يجب أن يكون التعليم التقني والمهني أولوية للدولة، فما هو موجود حاليا لا يصنع مستقبل وتطور للتعليم المهني والتقني وكل ما يعلن فقاعت هوائية كاذبة، حتى أنك إذا أردت الحصول على إحصائيات تخصه فلن تجد، لأن الجهات المعنية به تدرك ضعفها وتقصيرها بهذا الجانب، والأرقام هزيلة للمنخرطين في التعليم التقني فقط… (وليس الجامعي المتوسط كما يعلن للتمويه وصناعة النجاحات الوهمية) وكذلك المهني.
وفي هذا المقال أكرر لصاحب القرار إقتراحي؛ ضرورة ايجاد هيئة أو مجلس للتعليم المهني والتقني،وأكرر ما كتبته سابقا بهذا الموضوع الهام لعل وعسى..!
التعليم التقني( لا أب له…..!) قالها احد وزراء التعليم العالي المعدلين..! في ندوة قبل فترة، وذهب وباعنا الوهم..! وبصراحة سررت كثيراً، لأن رسائلي بهذا الخصوص ومن خلال مقالات عدة كتبتها بهذا الشأن، وصلت ربما صانع القرار، وأدرَك أن ما نقوله مطلب وطني، فقد أشرت مراراً في مقالاتي، أن لدينا إمكانات ولدينا طاقات ولكن مشكلتنا غالباً مشكلة إدارات وسياسات.
حسناً فعل مجلس التعليم العالي، أن وضع يده متلمساً جرح التعليم التقني، والذي بقي يتيماً لا أب له منذ سنين، فلننتظر ماذا ستفعل اللجنة التي سمعنا عن تشكيلها سابقاً، والتي ستتولي دراسة واقعه وتحدياته وستضع التوصيات المطلوبة بناء على ذلك، ولكني أقول ربما كان من الأجدى بداية، التأسيس لمجلس عالي للتعليم التقني ويمكن ضم التعليم المهني له شريطة (فصله عن وزارة التربية والتعليم، ومجلس التربية كسياسات وأستراتيجيات) بحيث تصبح وزارة التربية مزود تعليم وتدريب مهني، مثلها مثل بقية الجهات مثل مؤسسة التدريب المهني والشركة الوطنية والقطاع الخاص، وكذلك جامعة البلقاء وكلياتها والكليات الوطنية يتم إخضاعها لسياسات واستراتيجيات هذه الهيئة، مع الأخذ بعين الأعتبار خصوصية أن التعليم التقني محسوب على التعليم العالي، والتعليم المهني محسوب على التعليم المدرسي الثانوي، ولكن تكامل الأهداف وإعتمادها على بعضها يتيح الدمج مع حفظ الأدوار، وهنا يجب بداية تشكيل المجلس والذي ستكون مهمته وواجباته مناظرة لمهمة وواجبات مجلس التعليم العالي، إذ أن المجلس المقترح للتعليم التقني والمهني والتدريب، يجب أن يكون ضمن منظومة التعليم العالي أو وزارة او هيئة او مجلس مستقل، ويشكل له مجلس من متخصصين في التعليم التقني والمهني إضافة لأعضاء من جهات حكومية مختصة إضافة للقطاع الخاص بشقيه الخدمي والإنتاجي، إذ لا يجوز ولا يصح أن تبقى إستراتيجيات وخطط التعليم التقني والمهني معومة لعدة جهات لا يوجد تنسيق بينها وهي مزودة تدريب وتعليم وواضعة استراتيجيات بذات الوقت… !، إذ يجب أن تخضع لضوابط وأستراتيجيات وطنية موحدة، لأن تعدد المرجعيات الحالي، شكل حالة من العشوائية والتخبط وعدم التنسيق أدت إلى إختلالات كبيرة في العرض والطلب وكذلك التخصصات المطلوبة وغير المطلوبة، مما يمكنا القول وبكل ثقة (إن قطاع التعليم التقني والمهني واهن وضعيف وغير منظم) وهذا الوضع المعوم للتعليم التقني والمهني يجب أن لا يستمر، من هنا فمن الأولويات لوزارة التعليم العالي والحكومة إنشاء هذا المجلس المعني بالتعليم التقني والمهني والذي يحمل خصوصية وأهمية تجعله غير قابل للإلحاق بغيره، ففي كل الدول المتقدمة هنالك جسم وطني؛ (وزارة، مجلس، هيئة) للتعليم التقني والمهني، ومع وجود هيئة تطوير المهارات التقنية والمهنية والمفرغة من مضمونها من جهة الإستراتيجيات والتخطيط الوطني، والتي يمكن أن يعاد تشكيلها وإعادة صياغة قانونها لتخدم ما طرحناه، ويترك ذلك للحكومة وأدوات التشريع لإعطاء صفة قانونية للمجلس، والذي يجب أن تكون مهامه بعد تشكيله:
1- وضع تشريعات تنظم التعليم التقني والمهني ومزوديه وطنياً، للقطاعين العام والخاص.
2- وضع إستراتيجيات وخطط مستقبلية قابلة للتنفيذ تلبي متطلبات الإقتصاد الوطني والأقليمي من القوى البشرية التقنية والمهنية.
3- وضع متطلبات الإنشاء والإعتماد لمؤسسات التعليم التقني عامة أو خاصة وكذلك الإشراف والمراقبة على الترخيص وتحقيق متطلباته وإدامتها(ويمكن أن يناط دور الإعتماد لهيئة إعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها).
4- التخطيط الإستراتيجي للقوى البشرية التقنية والمهنية على الصعيد الوطني كماً ونوعاً، وتنظيم العرض والطلب لهما وسوق العمل.
5- اعتماد التخصصات و البرامج والخطط لمزودي التعليم التقني والمهني لجميع الجهات في الأردن.
6- الإشراف الفني على مزودي التعليم التقني والمهني في المملكة.
7- وضع خطط تطويرية طموحة لرفع سوية التعليم التقني والمهني نحو العالمية.
8- تنظيم الشراكة مع القطاع الخاص لتفعيل التدريب والتشغيل.
9- إنشاء قاعدة بيانات وطنية للتعليم التقني والمهني للمؤسسات، والطلبة، والمتدربين، والخريجين، والعاملين، والعاطلين عن العمل، والشركات والمنشآت الصناعية والإنتاجية والخدمية، وأحتياجات السوق، والعرض والطلب، والبطالة، وغيرها من العناصر التي تؤسس لعلاقات ديناميكية بين المزود والمشغل وسوق العمل بشكل عام، وتُفعل التخطيط الإستراتيجي للقطاع.
10- إستقطاب شراكات عالمية متقدمة في مجال التعليم التقني والمهني وإدماجها مع المؤسسات الوطنية لرفع سويتها، ولا يعتد بالشراكات الوهمية التي يعلنها البعض منذ سنوات وهي وهم غير موجود في الواقع، وغير مسكنة في أي مؤسسة اكاديمية..!
11- تأمين التمويل الحكومي والدولي أو الإستثماري لقطاعي التعليم التقني والمهني.
وغير ذلك من النقاط والمهام التي لم تحضرني ويمكن إقتراحها لاحقا، وهنا لا بد من التأكيد على تفعيل دور المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية وتطويره تشريعياً ومهنياً ليصبح المركز أو الهيئة التي تضبط القوى البشرية وطنياً، وتنظمها كما ونوعا، بحيث يتم ربط مخرجات التعليم والتدريب بمراحله الجامعي والمتوسط والمدرسي وقصير المدى بمتطلبات سوق العمل، ما أمكن، لنتخلص من التخصصات غير المطلوبة لسوق العمل، وكذلك تخفيف نسب البطالة بين الخريجين، ووقف الهدر الحاصل في التعليم والتدريب لتخصصات غير مطلوبة يذهب أصحابها لأعمال أخرى بسيطة غير ما تعلموا أو تدربوا أو لزيادة نسب البطالة.
نعم نشد على يد الوزير ونقول له يجب أن يخرج التعليم التقني والمهني من حالة (اليُتم) وأن نرى له أباً شرعياً قريباً، يمارس صلاحياته وبعدها إذا تم ذلك وحسب المأمول، فأعتقد اننا سنتقدم كثيرا، لأن التعليم التقني والمهني ومن التجارب العالمية هما الدعامة الأساسية والرافعة للإقتصاد والمجتمعات والدول… ننتظر أن يتم ذلك بأسرع وقت… حمى الله الأردن.