انا ابن هذا الجيش المتيم بالعروبة من عربستان الى سبتة ومن الاسكندرونة الى اوغادين .
قدر الجندي ان يبات على تعبية، عيون لا تنام ؛ موعودة بالعتق من النار ، تخفر الوطن ، وترصد الحدود .
يتفيأ هذا التمرين ظلال " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " ، وزادة وعتاده " واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل " .
العلاقة مع مصر وثيقة وعميقة وتاريخية وبعيدة الغور والرؤى ، متعددة الجوانب ، اقتصادي وسياسي وعسكري ، يمتد الى زمن سحيق فرعوني ونبطي وادومي ، فلطالما استورد الفراعنة الريحان والقار والنحاس من الوادي اليابس والبحر المالح وفينان ، ولطالما كان الطريق الملوكي العابر للشام من اقصى الشمال الى ايلة في اقصى الجنوب زاخرا بالقوافل العابرة لارض النيل ، فالاردن كان على المدى همزة الوصل بين جناحي الامة في افريقيا واسيا ، فالكرك وعجلون حصون تخفر الطريق وترصد العيون وتحرس مواكب الجنود شامها ومصرها .
العقبة ليست اول التمارين المشتركة بين جيش العبور الذي استسهل الصعب وحطم اسطورة بارليف ، فلقد سبقه تمارين مشاركة ومتعددة الاطراف كتمرين سيف العرب ، ومناورات النجم الساطع ، ومناورات الاسد المتأهب ، ومناورات رعد الشمال ، ومناورات عين جالوت .
ما اجمل ان يلتقي صانع النصر في الكرامة ومحطم اسطورة الجيش الذي لا يقهر ، وصانع العبور في اكتوبر ومحطم الخط الذي لا يكسر :
" يا عابر البحر ما ابقى العبور لنا وما عسى تصنع الاشعار والصورُ
واشعلوا في الدجى اعمارهم لهباً للنصر واحترقوا فيه لينتصروا
عبورهم اذهل الدنيا وموقفهم تسمّرت عنده الاقدام والسيّرُ
وددت لو كنت يوماً في موكبهم او ليتني جسراً حينما عبروا ".
" هذي الكرامة من يفل حسامها فاقرأ على حمر السيوف سلامها
الحافظين عهودها ما اخلفوا عهدا لها والشاربين حمامها
والطالعين على الظلام كواكبا زهّراً ، تبدد بالوفاء ظلامها
عطشت روابيها فكان نجيعهم لمّا انتخت بالهاشمي ، غمامها".
القوات المسلحة المصرية شركائنا في حرب ٤٨ وحرب ٦٧ ، وحرب ٧٣ ، كان ينقص العرب في تلك الحروب التمارين المشتركة وتوحيد المفاهيم ، كان نقطة الضعف في حروب العرب جميعها التنسيق المسبق .
الحمد لله على التمارين العسكرية المشتركة فكلها خير وفوائد :
اولا : تعزيز اواصر التعاون والعمل المشترك
ثانيا : تبادل الخبرات في رفع القدرة العسكرية القتالية .
ثالثا : التأهب لمواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة والاقليم .
رابعا : تدريب القادة وهيئات الركن على العمليات المشتركة في مجال التخطيط والتنفيذ الاستراتيجي والعملياتي الموحد باستثمار الامكانيات والموارد المتاحة لدى القوات المسلحة في البلدين الشقيقين .
لا بر بيننا وبين مصر لكن هناك بحر وحب يرتوي من قواسم مشتركة جمة وغفيرة ، فالطريق بيننا وبين مصر رسم خطواته المباركات كليم الله موسى عليه السلام ، فترابنا يحضن مقامه الشريف على سنام نيبو العظيم ، وعيون مائنا تحمل اسمه وقرانا تتجلى برسمه ، وهارون خطيب الانبياء الفصيح يرصد الافق الممتد من اقصى جنوب الشام الى اول مصر ، ولنا في فسطاط مصر مقام القاضي الجليل ابن حوران العز بن عبدالسلام قاهر المغول وصانع النصر في عين جالوت .
هي العقبة ، جاذبية الوحدة ، آخر البر الشامي واول مصر ،
فالمسافة الافقية البحرية بين طابا والعقبة (١١) كم ، شاهدها المراكب والعبّارات والسمسمية وحداء الصيادين " هيلا يا ريس " ، " هيلا يا واسع مركبك راجع " ، " وكيف اصادق في الصبح مدا وفي الليل امنح ودي لجزرِ " .
حمى الله العروبة ؛ وألّف بين قلوبها ؛ وعزز اواصر التعاون بينها ، اللهم امين امين .
" فنحن للارض قدمنا هديتنا عقدا من الشهداء الغرَّ ، لا الذهب " .