تشرفت البارحة بحضور إحتفالية تضامنية مع الشعب الفلسطيني نظَّمَها وأعدَّ لها إتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين برئاسة الأستاذ الأديب محمود رحال بعنوان "قلب واحد". فمن قال أن الشعب الأردني والشعب الفلسطيني هما قلبين في جسدين؟ بل هما شطرين لقلب رجل واحد يجمعها أقدس أنهار العالم وهو نهر الأردن الخالد الذي تعمّد بمياهه السيد المسيح وجعل من موقع عماده على ضفاف ضفته الشرقية في بيت عنيا عبر الأردن إنطلاقة الدعوة المسيحية للعالم أجمع، مما أضاف قداسة خاصة على أرضنا الأردنية التي هي امتداد للأراضي المقدسة وليس بأقلٍ منها، "والأرض التي باركنا من حولها".
تحدث عطوفة الأستاذ كنعان عن العلاقة المنقطعة النظير التي تجمع الشعبين الأردني والفلسطيني مشيرأً إلى أنَّ فلسطين هي في قلب ووجدان كل أردني وكل عربي وكل مسلم وكل مسيحي وكل إنسان صاحب ضمير حي. وعلى امتداد رقعة الوطن لا يوجد بيت لم يقدم شهيداً دفاعاً عن ثرى فلسطين الخالدة، ومن بين الشهداء الأردنيين إثنين وعشرين شهيداً مسيحياً رَوَوا ثرى فلسطين بدمائهم الذكية، ففلسطين تبقى قلب العروبة النابض وأرض الأقصى والقيامة التي تحظى بالرعاية الملكية السامية التي لو لم تكون لطالبنا كلنا بها لما للهاشميين من ارتباط وثيق بالقدس وبالمقدسات كأرض الإسراء المعراج وأرض الفداء والقيامة والأحرص على وصايتها ورعايتها، فهي بوابة السماء، وصاحبة السماء التي انشقت بظهور الملائكة الذين ترنموا في فضاء بيت لحم " المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسّرة"، وكذلك بصدور الصوت الإلهي في نهر الأردن بإعلان مسرّته.
ولأجل فلسطين تخلى الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه عن عرشه في الحجاز، ورفض التنازل عن القدس وأبى إلا أن يدفن فيها لقداستها ورسالتها في زرع بذور المحبة والسلام والوئام في العالم. ولأجلها استهشد الملك عبد الله الأول طيب الله ثراه على عتبات مسجدها ولأجلها كما روى د. كنعان عن حادثة نُقلت عن الملك الحسين طيب الله ثراه أنّ الدمعة قد اغروقت في عينيه عندما احتلت القدس وبقية الضفة الغربية مغتصبَةً من السيادة الأردنية. ودمعة الحسين هذه هي دمعة كل واحد منا وهي دمعة الرجال الرجال المناضلة لأجل فلسطين والتي وجدت صداها في لاءات جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم في زرقاء الجيش العربي لا للتنازل عن القدس، لا للوطن البديل لا للتوطين.
لا بد من تقديم كلمة شكر إلى اللجنة الملكية لشؤون القدس برئاسة سمو الأمير الحسن المعظم لما تُعنيه من متابعة يومية حثيثة لمجريات الأمور في القدس الشريف، وتقوم بإصدار تقرير يومي في منتصف النهار يوزّع على كل الجهات الرسمية المعنية في الأردن ويرسل منه ربع مليون نسخة الكترونية إلى العالم أجمع توثيقاً للإنتهاكات الصارخة ولأبشع احتلال في العصر الحديث طال البشر والحجر والشجر. ولكن يبقى الحق الفلسطيني هو الأقوى مهما طال الزمن، فلا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر.
وسيبقى الأردن هو السند السنيد لفلسطين والأقرب إلى نصف قلبه غربي النهر، فالوحدة الأردنية الفلسطينية أقوى وأمتن من أن يعبث بها أحد ويبث فيها الفتنة والشقاق، ولا بد من الحفاظ على الهوية الفلسطينية لأنها هوية أرض وهوية نضال وهوية وجود.
وستبقى الكلمة الحرّة هي العنوان لأن الله هو الكلمة وبكلمة الله صنعت السموات والأرض، والكلمة أقوى وأمضى من كلّ السيوف الفتاكة خصوصاً إذا كانت كلمة حق وكلمة حياة وكلمة عدالة ورجولة، وتتجلى هذه الكلمة شعرياً وأدبياً وخطابياً وفنياً وتمثيلياً وأبدعياً.
حمى الله الأردن بقيادته الهاشمية المباركة لنصرة فلسطين ومقدساتها.