يغفل بعض الآباء _ مع شديد للأسف _ عن النظرة الحاقدة السجينة وراء الضلوع التي يحملها فلذات الاكباد تجاههم ، كنتيجة لما يشاهدونه من مسلكيات شائنة، وتصرفات مقيتة ، وسوالف تدنق الناظر ، في الوقت الذي يجب فيه أن يكون الأب مجسدا للمُثل العليا في عقول أبناءه..
فكل تلك المواقف المخزية حتما ستتحول إلى ذكريات أليمة حية في نفوس الأبناء، والخاسر الأكبر هنا... هو هذا الأب النضوة الذي سيسقط احترامه من عيون أبنائه ..
ساذج بل موغل بالسذاجة من يظن أنه حين غدا وزيرا أو نائبا أو مديراً أو باشا أو طبيبا أو مهندسا أو شيخا بورقة من مستشارية العشائر أو .... أنه حقق إرثا كبيرا لأبناءه، كلا والف كلا، بل الإرث هو السمعة المكللة بالمحامد والمكارم والشمائل الأصيلة ...
فالأب ... هو من يصنع لنفسه عزة وكبرياء، وهيبة ووقار واحترام وتقدير أمام الأبناء، والاب هو أسد في عرينه.... حالما لا يتهور ولا يتهوج، ولا ينذخ ويمعط، ولا يكذب ولا يتملح ولا يبخل ويسترزل .. ولا يلقلق ولا يوقوق .. ولا يتجبد ويتكبس ، ولا يتمايل ويترقوص، ولا يتلكلك ويتلكع ..
الاب، يتجنب الصدام والملاسنة مع الناس بل إن المروءة تقتضي.... إذا ما سمع كلمة نابية جارحة أن يسرها في نفسه ويحتسب لا أن يذرف الدموع في حضرة الجموع، ويقحم ابناؤه بما لا يحمد عقباه، ويهرع إليه الاوغاد المتباكون لينصروه وهم أوهن من بيت العنكبوت، ويمسي مثار تندر وسخرية المجالس، ولعنة تطارده كلما حل طاريه.
أخيرا... قمة الألم أن يمسح ابنك دمعتك، ويقف شاهدا على هوانك وضعفك وخدش كرامتك ( إلا إذا كان الطين من المطينة ).