يقال ان الذي لم يرى " كركمة " لم يكحل عينه بالجمال ، ومن لم يزر عجلون سقط من عمره سنوات من الجمال ، وان الذي لم يزامل في حياته عجلوني لم يذق طعم الزمالة الحقيقي ؛ واسألوا عبق التاريخ عن تضوع مناقب عجلون واهلها .
عجلون على مدى تاريخها الطويل كانت جبل وشفا وغور ، غلت يد من فصل عجلون عن غورها ، ومع ذاك بقيت عجلون ومرتفعاتها الشامخة ترى من مسيرة اربعة ايام ، وبقيت عجلون الحصن الحسن الحصين و محطة التوسط بين بغداد ودمشق والقاهرة تغازلها اسراب الحمام الزاجل في الغدو والرواح .
" قلعة الاكبار سام قدرها عز ميراث الأُلى في دارنا " .
بلاد الملكة فيرا ؛ ارض " الطاس والكاس " ، ارض الغلال الوفيرة ، حواكيرها لا تنضب من العنب والتين والزيتون واللوزيات ، وكوايرها لا تمحل من الزبيب والقطين والزيت والحنطة ؛ كانت تُموّن خزائن العصملي بعشر غرارات من الحنطة ، وخراج اشجارها خمسمائة آقجة ، ورسم اعسالها مائتا آقجة .
" كأنها غادة ، ايدي الربيع لقد اهدت لها حلة من ابهج الحللِ
خضراء ذات بهاء والربيع غدا يميس تيهاً بها كالشارب الثملِ
وانني واقف فيها اطارحها نجوى الغرام بالتحديق والزجلِ ".
فاره مزيونة الشفا تستريح على ثلاثة تلال ؛ قديما كانت حدودها تمدد من وادي النوم شرقا الى نهر الاردن غربا ، ومن حلاوة في الشمال الى الوهادنه وغورها في الجنوب ؛ اما حدودها الحالية تقلصت من الغرب حتى كركمة ومن الجنوب حتى خربة الوهادنة ، فطموا عنها غورها الذي كان يمتد من مخفر القرن لغاية مرزة في اراضي المشارع .
لاهل فارة رحلتين في العام ؛ المشتى في كركمة وسبيرة يطلبون الدفء من قر الكوانين ، والمصيف في المشراف في تلالها الثلاثة حيث القمر والنسيم وقناديل فلسطين .
فاره البلدة التي تنام على ارث من التاريخ البيزنطي والروماني ورأس الحارة خير شاهد ، وتطل فارة من مرقابها على مرج الصفر ميدان تجمع جيوش صلاح الدين في طريقه لفتح بيت المقدس ، وامام ناظريها يستريح ضريح شرحبيل بن حسنه فاتح الاردن وضريح عكرمة شهيد اليرموك .
إني لطالما كذبت من رجلٍ يقول لي : انما الايام كالدولِ
حتى رأيت بأم عيني فعلتها وبتُ ناءٍ عن الاعمام والخولِ " .
فارة بلدة العلم والعلماء ؛ العلم في باحاتها بدأ مع بواكير الامارة ، فأول مدرسة تم افتتاحها كانت عام ١٩٢٣ ؛ وعشائرها محبة للعلم وولادة للعلماء ويقطنها عشائر " الربابعة وبني عطا والقواقنة والزعارير والغرايبة وحداد " ؛ واهلها اهل عونة وفزعة ايجابية في البناء والحصاد والقطاف تسمى " زوادة فارة " .
" يا هاشمية حلقي في خاطري فركاب فكري قد سرت لحماكِ
قلبي تعلق والاماني سلوة هل يا ترى تحضى ببعض رضاكِ
امسي واصبح بين ليت وعسى يكفيك ان العلم بعض خلاكِ ".