تتسابق العبرات في منحدر الغياب، وتتدافع الدموع في هيام الضباب،إذ ليس من السهل على كاتبة هذه السطور حبس مدامعها وهي تشحذ قلمها للكتابة في ذكرى عمها الجليل،
وليس من الإنصاف جمع مسيرة حياته في سطور، فهو الغني عن التعريف قامة شاهقة شامخة لها ألق النخيل، يحمل من الصحراء نقاءها ومن البداوة اعتدادها، متميز بالأناقة الفكرية والعلم الوافر، ضابط فذ باهر، وركن قبيلة زاهر ، وواحد من القادة اللوامع الذين ارخصوا أرواحهم.. للذب عن حياض الوطن يوم لحقه أمنه كريهة وجفيلا..
يا عمي أبا شاكر يا عظيم الشأن، سلام على روحك والشوق إليك وضاء... فإن العظائم كفؤها العظماء... بذكراك نزهو، وذكرك يعلو فيا يا غالي، يا صانع المعالي، قد كنت نعم الظهير والسند لكل من توجه إليك، فتغيث ملهوفا وتعين على نوائب الدهر، وكنت على الدوام فزعة كل محتاج، وتلكم والله كانت صنعتك ، عرفناك في أعلى درجات الورع والبعد عن الرياء..
آه يا عمَّاه.. حلمك يعجب منه الحلم! منك تعلمت أن كل شيء يأتي بالحلم أو التحلم، وقدرتك على اختراق قلوبنا وعقولنا بكمال خلقك عجيبة جدا ! أسرتنا صغارا وعلقتنا بك بعد وفاتك، تلك هي روحك الزكية التي احتشدت وتجسدت فيها الفضائل والمكارم، لقد غادرتنا ولكنك لم تغادر قلوبنا، فغدت ذكرى رحيلك علامة فارقة في الزمان، وأثر في الوجدان .
يا ابا شاكر ، يا صاحب النفس الأبية العلية والهمة الشماء العدنانية... لقد كنت للقبيلة شمعة صاحب أثر، لا بل صاحب بصمة، فما بغضت ، ولا حقدت ، ولم تهن ، ولم تستكن فأنت الفطين المكين ، تحليت بحلي الصبر وتوشحت عباءة الحكمة ولبست ثوب العفة فجنيت العزة والمجد ثمرا... وسطرت في سجل المكارم سطرا...
أخيرا، نسأله جلت قدرته أن يتغمدك بواسع رحماته وجناته وأن يجمعنا بك عند الحوض المورود بصحبة المصطفى عليه أفضل الصلوات والسلام .