هل تشكل حياتنا قيمة حقيقية لها إعتبارها ولها وزنها ولها قيمتها فوق أي شيء أم انها مجرد رقم لا يتعدى بعض أصفار تضاف إلى يسار الرقم واحد؟
إن الحقيقة الإيمانية المشتركة أنَّ الإنسان مكرّم في عيني الله فهو أسمى كل الكائنات المنظوره، وقد أنعم الله عليه وخصه بنعمة العقل البشري الذي يقدر أن يبحرَ في كشف كُنهِ الكون وأسراره والإشتباك الإيجابي مع كل عقبات الحياة وإيجاد الحلول المناسبة لها وفق معايير ومقاييس يتوصل إليها من خلال البحث العلمي والإكتشافات والإختراعات التي تكرّس مبدأ قيمة الإنسان لا رقميته.
فالإنسان في الدول المتقدمة هو موضوع الإهتمام الأول ولأجل سعادته تُذلل كلُّ العقبات ليحيا بكرامة وعدالة وحرية وتوافر كل متطلبات الحياة الكريمة من غذاء ودواء وعلاج وتعليم وصحة ورفاهية، وهذا ما يدفعنا لمضاعفة جهودنا لأن نرتقي بحياة البشر إلى أعلى حدود، فليس الإنسان رقما يشطب من سجلات التاريخ بعد زواله، بل قيمة وجودية حقيقية لها بصمتها في تراكم الإنجازات البشرية علميا وروحيا وأدبيا وفنيا وجماليا وحضاريا.
وبنظرة سريعة إلى واقع الحال في بقاع شتى من العالم نرى الإنسان في أدنى سلّم الإهتمام والأولويات لحساب فئات منتفعة ومسفيدة على حساب حياة الآخرين وسعادتهم، فيشّرعون القوانين والأنظمة التي لا تطبق إلا على الضعفاء والمستضعفين وبما يخدم مراكز القوة التي تخدمهم وتدر عليهم أموالا طائلة على حساب لقمة عيش الفقراء والمرضى ونوعية الحياة التي خلقها الله لتحيا البشرية بكرامة. فأكبر جريمة في القرن الحادي والعشرين مع كل التقدم والتطور هو تجاوز كرامة البشر والتضحية بهم لأجل منافع مالية وإقتصادية والإبقاء على مراكز القوى، إذ لا يهم أمثال هؤلاء حياة الناس ولو هلكت نصف البشرية..
بينما العكس هو الصحيح وهو ضرورة تحقيق كرامة كل شعوب الكرة الأرضية، فمن حق الإنسان وأي إنسان في أية بقعة في الكون أن يحيا وبيده حق تقرير مصيره وحريتة في التعبير وحقه في المشاركة في صنع القرار وعلى كل المستويات، لا أن يكون شاة تساق إلى الذبح يتم التحكم بهم من قبل من بيدهم مفاتيح القوة المالية والإقتصادية والسياسية.
لذلك، فصوت الضمير الذي وضعه الله فينا يدعونا لأن نعمل لا لأن ننظر بضرورة تحقيق العدالة والكرامة الآنسانية ولكل البشر، فإن فقدنا هذا الصوت في حياتنا نتحول من قيمة حقيقية إلى قيمة رقمية لا تفيد ولا تسمن.