أكثرَ مَن يَعرفَ فوائد فتح نوافذ المنزل هُمْ ربّات البيوت لما لذلك من أهمية في تنقية أجواء المنزل ودخول هواء جديد نقي ضروي، مما يمنع البيت من الرطوبة والعفونة ويحافظ على أن تبقى أجواء المنزل منعشة وصحِّية، وهذه العملية هي عملية مستمرة وأشبه ما تكون يومية.
كذلك هي حياتنا فهي أشبه ما تكون بالبيوت التي تحتاج أن يدخُلَها هواء جديد نظيف نقي، لذلك تحتاج أن تبقى نوافذها مشّرعة لتسمح بدخول نور الحياة وتجارب الآخرين وخبراتهم إلى حياتنا فتنتَعِشَ فينا وتزدادُ ألقاً ومنعةً وجمالاً. فحياة كل إنسان إنما تحتاج إن تكون مُطّلة على ما يحدث حولها، لا أن تكون منغلقة على ذاتها وكأن محور الكون يدور حولها وبأنه لا عالم خارج حدود عالمها. وهذا خطأ كبير يقع به كثيرون، ولكنه فنٌّ يتقنه آخرون الذين يريدون أن تنفتح حياتُهم على ثقافات العالم وحضاراتها وإنجازاتها وموسيقاها وأدبها وشعرها وأدبياتها، فبغير ذلك تموت تلك النفوس لأنطوائها على أنفسها وتفتقر لغنىً كثيرٍ كانت تظن أنّه غير موجود.
فمن خلال تلك النوافذ علينا أن نستقبلَ آراء جديدة واقتراحات جديدة وطروحات جديدة، وأن لا نبقى أسرى ذواتنا وأفكارنا، متصلبي الرأي وغير قابلي لكل جديد ولأفكار وطروحات مختلفة عما لدينا، مما يبعدنا عن واقعنا ويبقينا في حلقة دوران حول أنفسنا، وغير راغبين لأن نقبل أي تحدٍ فكري وأي إشتباك إيجابي الذي يبني نفوسنا ويسهم في الصالح العام ويعلمنا أن ننظر في الحياة للأمور من جوانبَ متعددة، إذ لا يمكن لأحدٍ أن يحتكر أو يمتلك كامل الحقيقة.
لذلك فنوافذ حياتنا يجب أن تبقى مطّلة على العالم وعلى الآخرين لأنها تضيء لنا جوانب ربما كانت غائبة عنا أو حتى مجهولة لدينا.