تربوي مخضرم ، من الرعيل الأول القديم (الجيل الماسي )، تشهد له ميادين التربية و التعليم في الأردن و الطفيلة، خاصةً أنه قدوة يحتذى في الإخلاص و التفاني ؛ فقد قام باستجواب نفسه بنفسه في مدرسة الحسا الابتدائية؛ لتأخره ساعتين عن الدوام عندما كان مديرا و معلما فيها (معلم مسؤول)، كما كان حريصا على العودة إلى المدرسة بعد إنتهاء الدوام عندما كان معلما ؛ لإعطاء الطلبة حصص تقوية في مادة الرياضيات ، علاوة على استغلاله العطلة الصيفية في عمل دورات تقوية لطلبة بصيرا عندما كان معلما في الشوبك، فهو أحدٌ من المعلمين القدامى في محافظة الطفيلة قبل ( ٦٣ ) عاما ، ممن تم تعيينهم في عام ( ١٩٥٩ ) .
يعتبر من رجالات و وجوه عشيرة الرفوع في لواء بصيرا /الطفيلة ، ممن لهم علاقات قوية خارج اللواء و المحافظة ؛ كونه من التربويين القدامى جدا المخلصين لمهنة التعليم ، ذات الشخصية القوية ممن خدموا في الطفيلة و خارجها لا سيما أنه من مواليد مدينة الطفيلة عام ( ١٩٣٧) ، فهو قائدٌ من المستوى الرفيع و من الذين يملكون الجرأة و الحزم و الشجاعة و الإصرار و العزيمة التي لا نظير لها في قطاع تربية الأجيال على صعيد مديري المدارس ، فهو حازم في إتخاذ القرارات لما فيه مصلحة الطالب ، خصوصا عندما كان مديرا للمدارس التي انيطت به في بدايات خدمته ، حيث يمكن أن نطلق عليه ( الإداري الشجاع ) .
يعتبره البعض شخصية ذات خبرة كبيرة في مختلف المجالات، لخبرته الواسعة في الإدارة و التعليم ؛ و كونه واحد من أقدم مدراء المدارس في الطفيلة ، ممن يمتلكون فكرا تربويا وطنيا اجتماعيا سياسيا من النمط ما فوق الرفيع ؛ خصوصا أنه أحد أبرز قيادات حزب البعث العربي الإشتراكي في الطفيلة ومن أوائل المنتسبين له عام ( ١٩٥٤ ) و من القيادات التي كانت تلتقي بالرئيس الراحل صدام حسين و نائبه عزت الدوري و وزير خارجيته طارق عزيز ، كما يعتبر من رجالات محافظة الطفيلة ممن خصص لهم خمسون مقعدا مجانيا للدراسة في دولة العراق سنويا .
يصنفه البعض بقامة عشائرية ؛ كونه ساهم في كثير من جاهات إصلاح ذات البين في الطفيلة و خارجها برفقة الأستاذ فؤاد العوران رحمه الله و المهندس محمد الزرقان ، بالإضافة إلى اختياره ضمن لجان ممثلين عن كل قرية للمشاركة في لجان و كتل الإصلاح ، فقد كان مفوها ذا هيبة و وقار .
فيما وصفه البعض بالشخصية الإجتماعية ، كونه رئيسا و مؤسسا لجمعية بصيرا التعاونية لمدة( ٤ )سنوات، و كذلك
رئيسا ومؤسسا لجمعية بصيرا الخيرية لمدة ( ٤ ) سنوات أيضاً ، فقد تميزت شخصيته بالمثابرة و الجهد الذي لا يمل ولا يكل في العمل الوطني و العشائري .
كان إجتماعيا في الحديث مع المجتمع المحلي المحيط بالمدارس التي أشرف على إدارتها في الطفيلة و خارجها ، يُضرب به المثل في إدارته الحكيمة للمدرسة ، حيث وصفه تربويون ( بالمدير المخلص) نظرا لسيرته الزاخرة بالإنجازات و إتقانه لعمله و ديمقراطيته في تعامله مع طلبته لا يميز بين أحدا من الناس، إلا أنه يقف مع صاحب الحق حتى يحصل على حقه ، فهو شخصية تربوية فريدة قدمت الكثير للقطاع التربوي و المجتمع ككل .
كان شديدا في قول الحق لا يحب الإعوجاج و لا يخشى في الله لومة لائم ، مبتسما عند الحديث معه تشعر بالهيبة و الوقار عند مجالسته .
كان أبو مروان نظامياً أطال الله في عمره ، شديدا على الأخطاء ، حازما في تصحيحها ، عازما في إقرارها ذات جرأة في إتخاذ القرارات لمصلحة العملية التعليمية في المدرسة ، حيث إن هذه الشدة و الحزم كانت دوما لمصلحة الطلاب مما شكل منظومة متكاملة عملت على إنتاج قيادات تربوية فيما بعد ، و أصبح نشاهد ثمارها و نتاج غراسها على مجتمعنا في المحافظة و خارجها ، حيث كان يحرص على الطلاب شديد الحرص بسبب الواقع القاسي للأسر و انتشار الفقر في المجتمع و التسرب من المدرسة في ذلك الزمان .
كان دقيقا بشدة يحترم الوقت و يجيد إدارته و لا يسمح للوقت أن يخبت نشاطه و جهده بل يستغل كل وقته لمصلحة العملية التعليمية ، فقد كان يلتقي بالمجتمع المحلي في مدرسته و كان على علاقة وطيدة مع أولياء الأمور و ذلك لإطلاعهم على سير العملية التعليمية و ظروف كل طالب مقصر ؛ كون الطالب قديما لا يهتم كثيرا في إكمال دراسته بسبب الفقر المدقع و العوز الأليم و البؤس الموجع و الظروف الصعبة التي كانت تعيشها الأسر في ذلك الزمان .
يقال أنه في بداية الستينيات خرج من بيته في بصيرا قاصدا قيادة الجيش في القادسية و الثلوج تهطل بغزارة ، وقتها كان مديرا لمدرسة في إحدى قرى الشوبك ، حيث لم يتوانَ عن الذهاب لمدرسته و أصر كل الإصرار على المشي في تلك الأجواء المثلجة سيرا على الأقدام إلى أن وصل نقطة للجيش كانت تتمركز في أعالي القادسية ، واستبدل ملابسه المبللة الملطخة بالطين بملابس جديدة و استعار فرسا من أفراد نقطة الجيش لتحمله نحو مدرسته في الشوبك، فصار فيها و الثلوج متراكمة في الشوارع إلى أن وصل مدرسته قبل فترة وجيزة من بداية الدوام .
درس الإبتدائية في مدرسة بصيرا، ثم انتقل إلى مدرسة الطفيلة و أكمل فيها دراسته الإعدادية، ثم أكمل دراسته الثانوية في مدرسة معان الثانوية في عام( ١٩٥٨ ) .
وفي عام( ١٩٥٩ ) تم تعيينه معلما في رجم الصخري الحسينية في الكرك ، بعدها في عام (١٩٦٠) انتقل إلى مدرسة الحسا معلما مسؤولا و كانت هذه المدرسة تدرس لأول مرة .
و في عام ( ١٩٦٣ ) انتقل إلى مدرسة ضانا الإعدادية، ثم بعدها في عام (١٩٦٤ ) انتقل إلى مدرسة الشوبك الإعدادية في منطقة نجل ، و في عام( ١٩٦٥) درس في معهد المعلمين برفقة الأستاذ عبدالمهدي العدينات أطال الله في عمره و طارق شلاش المجالي ، بالإضافة إلى العديد من الدورات التربوية في معهد المعلمين /حوارة و معهد معلمين /عمان . و في عام (١٩٦٧) انتقل إلى مدرسة بصيرا الإعدادية .
و في عام ( ١٩٧٢ ) تم تعيينه مديرا لمدرسة غرندل الإعدادية وفي عام ( ١٩٧٣ ) انتقل إلى مديرية تربية الطفيلة رئيسا لقسم الامتحانات و التخطيط .
في عام (١٩٧٤) سافر إلى عُمان وعين هناك رئيسا لقسم التخطيط في محافظة نجا حتى عام (١٩٧٩) ، بعدها عاد إلى مديرية تربية الطفيلة رئيسا لقسم الإحصاء و التخطيط و الإمتحانات عام (١٩٧٩) .
في عام (١٩٨٠) انتقل إلى مدرسة بصيرا الثانوية مديرا لها حتى عام (١٩٨٧) و في عام (١٩٨٩) تم تعيينه مديرا لنقابة المقاولين الأردنيين في الطفيلة و بقي فيها حتى ( ٢٠٠٨ ).
ولاحقا ( ١٩٨٧) أكمل دراسته لمرحلة البكالوريوس في تخصص إدارة الأعمال من جامعة بيروت العربية .
له من الاولاد الذكور أربع : الدكتور مروان رحمه الله ، الدكتور سفيان ، المهندس صفوان ، الأستاذ معاوية ، و له من البنات خمسة : رحاب، هيام ، رباب ، رضاد ، ريحان .
من الطلبة الذين تتلمذوا على يديه من بصيرا معالي الدكتور فيصل الرفوع و الدكتور محمد السفاسفة و الدكتور زيد البشايرة و الدكتور أحمد السعودي و غيرهم .
لله درك ، يا "أبو مروان " ! فنعم الرجل أنت و نعم القائد الشجاع أنت و المربي المحب لمهنته! لو كان معظم الرجال أمثالك لكانت الدنيا بألف ألف خير و سلام ، بورك فيك و في صنيعك و دعني أعبر عما يجول في خلجات صدري ، و أزجي تحية و إجلالا لتربويين أنت منهم ، كلماتُ تخذلني في إيفاء حقك ، كنت واثقا جدا بخطواتك و فكرك و فضيلتك ، فأنت رجل عظيم يمتلك رجولة لا يمتلكها إلا القليل القليل من هم على نهجك .
كان أبو مروان مرجعية لمعلمي المدارس في كل رقعة كنت فيها مديرا خارج الأردن و داخله ؛ لخبرته الواسعة التي تزخر بالمعرفة والثقافة في المجال التعليمي ،و الإجتماعي و السياسي ،و النقابي و الحزبي ، فهو الأب التربوي للطلاب و الأب القدوة للمعلمين ، حيث كان ينظر له كالأب في المدرسة ، و خارجها لما يتمتع به من خبرة غنية في المجالين التربوي والإجتماعي وإصلاح ذات البين .
تتلمذ على يديه آلاف الطلبة من قطاعات شتى، أصبحوا فيما بعد مسؤولين و معلمين و قيادات تربوية ، فقد اتصف بأنه شديد في الحق لين في المعاملة ، كما اتصف بالكرم و الجود ، حيث أمتلك خبرة كبيرة في التعامل مع طلبته ومجتمعه لا يضيع الحق عنده ، علاوة على أنه من المواظبين على أداء العبادات في المسجد و قراءة القرآن الكريم و الكتب الدينية وكتب الحديث الشريف .
كان رجلا يعشق البساطة زاهداً ، ودوداً ، معتدلا ، يتمتع بخصال و مزايا حميدة، جلّها الإيمان ،و دماثة الخلق ،و حسن المعشر، و طيبة القلب، متميزًا بالتواضع الذي زاده احترامًا و تقديرًا و محبة الناس و الطلاب ، و كل من عرفه والتقى به .
لقد كان دائم الإبتسامة، ذا وجه بشوش رغم قسوة الحياة و منغصاتها ، فقد كان رزينا دقيقا أثناء عمله ، معلما ذا صيت و هيبة كما كان مديرا في قمة عطائه .
امتازت شخصيته بالحكمة و الدراية و إلمامه بأساسيات أدب الحوار و النقاش ، فقد أمتلك شخصية على مستوى عال من الثقافة و العلم جعلته يكون من الذين استطاعوا إثبات قدرتهم على قيادة العملية التعليمية في مدرسته بكل جدارة و استحقاق .
كان شديد الالتزام بعمله ، فقد كان (أبو مروان) ملتزما بعمله الذي أحبه لا يغادره إلا عند الضرورة ، فقد كان يقوم بعمله على أكمل وجه .
كان أمينا، و للأمانة معانّ عظيمة، و من معانيها المحافظة على أمانة الناس ووأموالهم بحق ، فقد حافظ على المال العام و هذه خصلة طيبة نادرة و منبت من مناقب الأستاذ الحكيم و المربي الفاضل مبارك محمد مطلق الرفوع ، حيث أُوكلت إليه مهمة صرف رواتب المعلمين في دولة عمان الشقيقة عندما كان يعمل هناك في المنطقة الشمالية في أم مسندم، حيث تم انتدابه لصرف مبلغ أكثر من ٥٠٠ الف ريال عماني للمعلمين الذين سبقوه لمطار دبي للسفر ، و كان ذلك في آواخر السبعينات في القرن الماضي ، حيث أخذ الأستاذ مبارك جوازه و سيارة والسائق الهندي و معه جوازه و قطع مسافة أكثر من ألف كيلو متر مربع و لم تحدث نفسه بأخذ هذا القدر الماليالكبير مناصفة مع السائق الهندي، بل أخذ يضمها لصدره خوفا من غدر السائق الهندي إلى وصل إلى مطار دبي و وجد وزير التربية والتعليم العماني في انتظاره حيث شكره شكرا عظيما ، و قال له :" أن شئت نمدد عقدك( ٧ )سنوات" فلم يقبل وهذا درسٌ في حفظ الأمانة .
كان بمنزلة القائد للعاملين معه في قطاع التربية و الأب الحنون لأسرته التربوية، فقد كان مثقفا ذا اطلاع واسع ، صاحب خلق قويم ، و علم غزير .
تنحني هاماتنا لأستاذنا الفاضل أبي مروان احترامًا وتقديرًا ، لقد كنت واحدًا من جيل المربيين و الأساتذة الأفاضل المؤمنين بالرسالة التربوية العظيمة، الناكرين للذات، من ذلك الزمن الجميل .
و في الختام ، نتضرع إلى الله تعالى أن يلبس أبا مروان الصحة و العافية ، و أن يزيده الله تعالى حكمة و دراية ، و أن يحفظ أبنائه ، و أن يبارك الله في عمره ، و أن يديم في بيته الخيرات والمسرات ، و أن يجزيه الله خير الجزاء على ما قدم به من سجل حافل بالعطاء و الإنجازات التي سوف يذكرها الأجيال كمثال على الأب المثالي و القائد التربوي و المربي والسياسي و النقابي و الحربي صاحب البصيرة الثاقبة والنظرة الشاملة .