يبلغ حجم الاقتصاد الاسباني 1.3 الف مليار دولار بينما بلغ حجم الاقتصاد الجزائري 160 مليار دولار، في المقابل بلغت صادرات اسبانيا نحو الجزائر سنة 2021 حسب United Nations COMTRADE database on international trade بالضبط 2.23 مليار دولار والتي تمثل نسبة 1% من اجمالي صادرات اسبانيا، بينما بلغت صادرات الجزائر نحو اسبانيا سنة 2021 بالضبط 4.6 مليار دولار حسب نفس المصدر والتي تمثل نسبة 16.5% من اجمالي صادرات الجزائر، اغلب هاته الصادرات غاز ومنتجات نفطية.
اذا اخذنا بعين الاعتبار ان القرار يستثني صادرات الغاز الجزائري نحو اسبانيا و حسب الارقام في الاعلى تأثير هذا القرار على الاقتصاد الاسباني ليس بالكبير لكن قد يكون له تأثير على معدلات التضخم قصيرة الاجل بسبب التوقف المفاجئ لصادرات اسبانيا نحو الجزائر، ايضا تأثير القرار على بيانات الاقتصاد الجزائري لن تكون كبيرة باعتبار ضمان مداخيل الغاز المربوطة بعقود طويلة الاجل تمتد الى سنة 2032 حسب اخر اتفاق سنة 2018 والمعدل سنة 2020 وايضا وجود الاسواق البديلة التي خلقتها الحرب الروسية الاوكرانية، في المقابل سيكون هناك تأثير ايضا على معدلات التضخم قصيرة الاجل وعلى بعض المتعاملين الاقتصاديين بالجزائر بسبب التوقف المفاجئ لصادرات اسبانيا نحو الجزائر.
الاستثمار بين البلدين يتمركز في قطاع الطاقة وخاصة في قطاع الغاز، اهم شركة لديها استثمارات مع شركة سونطراك هي شركة Naturgy والتي تغطي لوحدها 30% من الاستهلاك الداخلي لاسبانيا من الغاز، هاته الشركة لديهاعقود طويلة الاجل مع سونطراك تمتد الى غاية سنة 2032 مع الاتفاق على مراجعة العقود كل ثلاث سنوات، اخر مراجعة كانت سنة 2020 حتى الان لا توجد بيانات حول التعديلات، ايضا توجد شركات اخرى في قطاع الغاز البترول مثل Repsol الناشطة بقاعدة رقان للغاز والتي تنتج 8 مليون متر مكعب يوميا بالشراكة مع سونطراك والشركة الالمانية Wintershall DEA..
بما ان الاسثمار اغلبه في قطاع الغاز بعقود طويلة الاجل فلن يكون هناك تأثير كبير بسبب هذا القرار على الاستثمار بين البلدين على المدى القصير لكن طبعا على المدى الطويل سوف نشاهد مغادرة للشركات الاسبانية للجزائر مع انتهاء العقود او قد نشاهد الغاء بعض العقود اذا كان هناك توثر اكبر في العلاقات بين الدولتين وهنا قد تلجأ الشركات الى التحكيم والمحاكم الدولية في حالة فشل الحلول الديبلوماسية، في المقابل الجزائر لديها البديل الايطالي الذي تكلمت عليه منذ اندلاع الحرب باعتبار ايطاليا اكثر دولة مرتبطة بالغاز الروسي والذي سيسمح للجزائر بالحفاظ على نفس الاستثمارات في قطاع الغاز مستقبلا، لكن هذا البديل ايضا عضو في الاتحاد الاوروبي وهذا الذي سيؤثر في موقف الاتحاد الاوربي من هذا الثوتر.
هذا القرار سيكون لديه تأثير سلبي على استقطاب الاستثمار الاجنبي المباشر خاصة من اروبا، الجزائر الان وضعت نفسها في صورة الدولة التي تدخل التجارة في السياسة بطريقة مباشرة وبقرارات غير منتظرة، هذا الامر لديه تأثير جد سلبي على صورة اي دولة تريد استقطاب الاستثمار الاجنبي المباشر، في المقابل الجزائر سوف تحاول تعويض ذلك بالعمل الديبلوماسي والشراكات الاقتصادية لكن اعتبر ذلك غير كافي ولا بديل على خلق مناخ مستقطب للاستثمار الاجنبي.
اسبانيا دولة من دول الاتحاد الاوربي الذي سيعتبر هذا القرار مقلق جدا للاتحاد الاوروبي ويشكل ضغط اضافي على اروبا التي تريد الاستقلال عن الغاز الروسي ولا تريد اي توثر مع اكبر الدول المصدرة للغاز نحو اروبا وهي الجزائر، وهاته النقطة التي تحاول الجزائر استغلالها من اجل الوصول الى اتفاق يغير الموقف الاسباني الاخير اتجاه الصحراء، في هاته النقطة بالذات الجزائر عليها ان تحسب اي خطوة ديبلوماسية مستقبلا لان الظهور في صورة الدولة المعادية لاوربا لن يخدمها وسيؤثر مستقبلا اقتصاديا على الجزائر، لذلك الاتحاد الاوروبي اقتصاديا من مصلحته رجوع العلاقات بين البلدين لوضعه الطبيعي نظرا لاهمية الدولتين في قطاع الغاز، الجزائر احد اكبر الدول المصدرة للغاز نحو اروبا واسبانيا اكبر مستورد للغاز المسال من امريكا.
كخلاصة وحسب رأيي الشخصي، واضح ان القرار جاء بخلفية سياسية لكن كانت هناك دراسة اقتصادية لتأثير ذلك من طرف الجزائر قبل اعلانه، هاته الدراسة ممكنة على المدى القصير باعتبار الوضع الجيوسياسي الان يخدم الامر مع انه سيكون هناك تأثير على بعض بيانات الاقتصاد الجزئي والكلي قصيرة الاجل، لكن مستقبلا سيكون للقرار تأثير سلبي وتأثير جد سلبي اذا كانت الخطوات القادمة غير مدروسة خاصة بعد تدخل الاتحاد الاوروبي في القضية الذي قد يعتبر اعطاء الجزائر ضمانات من اجل الالتزام بعقود الغاز كافي له من اجل عدم اتخاذ خطوات اقتصادية ضد الجزائر مستقبلا، في المقابل سوف يزداد الضغط اكثر على اسبانيا من قبل المعارضة حول الموقف الجديد لها اتجاه الصحراء الغربية.