يقال ان زارد كان مأهولاً بالسكان منذ العصر الحجري الأول ، وكان بحيرة تدعى " البلاتيوسين " حيث نشأت على ضفافها أحد قرى الصيادين الأوائل ، فهل تحول احفاد الضياغم من صيد الأسماك إلى صيد الغزلان والصقور على ضفاف وادي العذير ، السؤال لشاعرنا المحبوب والمهيوب محمد فناطل لعل قريحته العذبة والعذية تجيب وتجود بقصيدة من نفحات وادي العذير .
الحسا واد يشرب من عمق البادية ويسير بكبرياء الواثق تغذيه المئات من الينابيع والعيون والروافد من اللعبان الى بربيطة إلى عفرا حتى يذوب في البحر المالح ، تردد الجبال على جانبيه ترويدة شهيد عفرا :
" الا هل أتى سلمى بأن حليلها على ماء عفرا فوق احدى الرواحلِ
على ناقة لم يضرب الفحل امها يشد به اطرافها بالمناجل ".
الحسا شاهد حضارات الحمى والحد الفاصل بين ادوم ومؤاب ، الذريح و التنور وذو الشرى وعين البحرية وام قربة والمناقيد واللعبان شهود حضور للتاريخ الحافل .
" وادي الحسا يا ابو العيون الصراهيد تريحوا من قول هاتوا الروايا
فيه الحجايا مثل عقد على جيد حريبهم يسقوه سم المنايا ".
الحسا عثمانية الاثر ، حجوية الكبرياء والهوى ، كانت على مدى طويل إحدى متاريس الحج ، فالحجايا كانوا امناء الحج الشامي من القطرانة إلى ذات حاج .
" فيهم سنا مجدي وفيهم فخاري والعز دون الحجايا ولا شي
واحنا على خيل اصيله نباري والخيل تقصر لا تبارت وتعطي
يمكن نصيد صقورها والحباري ويمكن قنصنا اليوم يقصر ويخطي
لكن يظل كبار ربعي كباري يمشو رزم فوق المكارم ماهو عي ".
الحسا ، الروض المعطر بالشمائل ، حاضرة الحجايا وسّامة الباب ، المحتد الذي ينهل من شمر والمعين الذي يشرب من ضيغم ، الضئضىء الذي يرتوي من عبده :
" حنا حجايا ما بنا شك وانكار من بطن عبده وامنا ضيغمية
وين الحجايا وين وسامة الباب عز الدخيل الضياغم أهل الحميه " .
الحسا ؛ خفير الطريق الصحراوي الذي لا ينام ، يقول ابن بجدتها الشاعر الدكتور عطالله :
" الصحراء حضور كامل ، وتجل ومرتجى ، وطن بمحمولات في متناول الذاكرة ، تتكئ على قلب وتمتد على افق ، في رمالها عبق متسام وفي سهوبها ديون لم تسدد ، وفي اوديتها ذاكرة بكر .
نمشي على الشوك ام نمشي على الحجرِ فالعبرة الشوق والصحراء في اثري
تكاد كل مرايا الريح تسفعني وخصلة الشمس ان شدت على صُرري
هنا الحسا والليالي البيض تشغلني فيها عن البئر والحفار والحفرِ
هنا الحسا في الرمال الحمر اغنيتي وفي الجبال جمال قُدّ من صوري
انا الذي حين ألقاها اودعها لكي تظل طريقي منتهى سفري ".