أدركت الجامعات حول العالم بتحديات التحول الرقمي في ظل التطور التكنولوجي المتسارع والذي أصبح جزءاً لا يتجزء من المنظومة التعليمية لكافة البرامج الأكاديمية وذلك للعديد من المزايا لصالح أطراف العملية التعليمية وأنتهاء صلاحية الطرق والأساليب والأدوات التقليدية والمعروفة للجميع، مما دفعها إلى عقد إتفاقيات مع الشركات العالمية المتخصصة بالتكنولوجيا والبرمجيات والتقنيات والأدوات لتجهيز بُنيتها التحتية للعملية التعليمية لكافة البرامج الأكاديمية ومن مختلف الاختصصات لبناء معارف ومهارات الطلبة وتهيئتهم لسوق العمل في ظل التحول الرقمي والمفروض على جميع القطاعات.
وقد لاحظ المتابعين بإن هناك إستجابة واضحة للجامعات حول العالم بتجهيز بنيتها التعليمية التقنية وفقاً لخصوصية وطبيعة البرامج الأكاديمية ومحتوياتها، والبعض قام بإجراء تعديلات جوهرية على محتوى برامجها وخططها الدراسية، والبعض قرر أيقاف البرامج التقليدية، والبعض قامت بإستحداث برامج جديدة تواكب التحول الرقمي، ولكن مستوى إستجابة الجامعات قد تباين بحكم الامكانيات المتاحة مما إنعكس على مستوى جاهزية الجامعات تقنياً، وأشار المتابعون بإن جاهزية جامعات العالم الثالث كانت متعثرة نوعاً ما ولعدة أسباب ومنها عدم توفر الاماكنيات المالية الكافية، وغياب الكفاءات المتخصصة بمجالات التحول الرقمي، وتواضع الرؤى والفكر الاستراتيجي المهتم بمواكبة تحديات التعليم والتي كان معظمها تعتمد على جهود وتصورات فردية ينقصها الخبرة الواسعة والدليل على ذلك صعوبة تقدم جامعات العالم الثالث في ترتيبات التصنيفات الأكاديمية العالمية كأحد التحديات الراهنة الإ القلة منها من أنتبه وأدرك وسارع في التعامل مع تلك التحديات بفكرٍ إستراتيجي واسع للمحافظة على مكانتها في الوسط الأكاديمي العالمي.
وعلى مستوى جامعتنا الأردنية لقد شهدنا في الأونة الأخيرة توجهاً نحو استحداث عدد من البرامج الأكاديمية المرتبطة بالتحول الرقمي وعلى أوسع أبوابه لسد إحتياجات سوق العمل الجديد بخريجين لديهم المهارات التقنية العالية الدقيقة وضمن تخصصات مختلفة وهي معروفة للجميع بالرغم من أن التحول الرقمي قد شمل جميع التخصصات الأكاديمية في جميع الكليات العلمية والإنسانية والأدبية، ولكن يتساءل العديد عن مدى جاهزية هذه البرامج وبُنيتها التحتية تكنولوجياً كمتطلبات أساسية لإثراء العملية التعليمية للطلبة لضمان تخريج كفاءات تكافئ خريجي جامعات الدول المتقدمة.
نتفق جميعاً بإن التحول الرقمي قد أصبح تحدياً كبيراً وكلفة الاستجابة لمتطلباته تفوق إمكانيات جامعاتنا مما يستوجب التوقف بجدية وبعيداً عن الاستعراض للتعامل مع هذا التحدي برؤية ثاقبة لأهميته المصيرية بمستقبل الجامعات وبرامجها الأكاديمية ولمختلف الاختصصات العلمية لتمكينها من مواكبة متطلبات سوق العمل والذي ينتظره الجميع وبحرارة بتخريج كفاءات ذات مهارات وقدرات تقنية عالية في ظل الأقتصاد الرقمي المتنوع بمجالاته المختلفة.
أن تداعيات التحول الرقمي يراها المختصون بإنها تتطلب تجهيزات تقنية عالية المستوى انسجاماً مع خصوصيتها ومخرجاتها، مما تستدعي الحاجة إلى عقد شراكات وإتفاقيات مع شركات عالمية متخصصة لتجهيز الجامعات تكنولوجياً لتتمكن من تخريج طلبة مؤهلة تقنياً لسد حاجة سوق العمل ليكون لهم دور فاعل في تحقيق التنمية المستدامة والتي أصبحت الشغل الشاغل لقيادات دول العالم لتكون النواة الحقيقة لمستقبلٍ أفضل تناغماً مع تطلعات صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله أبن الحسين المعظم وولي عهده المعظم حفظهم الله ورعاهم.