إحياءً لذكرى تعريب الجيش العربي المصطفوي السابعة والستين، قدّم الفريق (م) محمد الملكاوي، رئيس الأركان الأسبق، قدّم ملحمة تاريخية للجيش العربي: نشأة وتاريخاً وتصوّراً وأدواراً داخلية وخارجية.
كان ذلك في لقاء حواري خصّصَتْه (جمعية الشؤون الدولية) إحياءً واحتفاءً بهذه المناسبة الوطنية.
فالأدوار الداخلية إتّسعت لتشمل الميادين العسكرية والثقافية والإجتماعية؛ وأما الأدوار الخارجية، على المستويين العربي والعالمي، فقد إمتدت لتشمل القيام بالمهمات والواجبات العسكرية في مجالاتها الواسعة، والمتعدِّدة عربياً، والقيام بالمهمات العالمية حفظاً للسلام وتقديماً للخدمات الإنسانية.
وقد تعمّق الفري (م) الملكاوي، بخبرته وتجربته وأدواره العسكرية، تعمّق في إستحضار البيئة المحلية والعربية والدولية، حيث جاءت عملية التعريب أثناءها بلسماً شافياً سَرَت بشائره في المنطقة مسرى النور في الظّلم.
فالملك الشاب يحمل طموحات الشعب في إحداث نهضة شمولية تشمل مؤسسات المجتمع الاردني السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، ولم تأخذ بريطانيا برؤيته لتطوير المؤسسة العسكرية مأخذ الجدّ، فهي غير معنية بطموحات الملك الشاب وشعبه، فأدرك أن الحلّ بيده وشعبه.
كانت تؤرّقه قضيتان، حسب رؤية الفريق:
الأولى: الأدوار القيادية للضباط الأردنيين .
الثانية: الاستراتيجية الدفاعية الوطنية، ويقول المؤرخ (آفي شلايم)، من المؤرخين اليهود الجدد، والبروفسور البريطاني في أرقى الجامعات البريطانية، في كتابه (أسد الأردن) إن خطة (كلوب باشا) في هاتيْن القضيتيْن كانت مفاجئة للملك فالقيادات العسكرية الأردنية لن تكون مؤهلة لتلك الأدوار قبل عام (1985)؛ وأما استراتيجية الدفاع الوطني، فالنهر هو خط الدفاع الثاني، ورأى الملك أن ذلك يعني أن يظل الوطن في مهبّ الريح.
كانت الفجوة في الرؤى والتفكير واسعة بين الملك وكلوب باشا، وغير قابلة للتجسير، ولا مناص من عملية جراحية، فآخر علاج هو الكًيّْ- على حدِّ التعبير الشعبي الأردني، فمسؤولية القائد تتطلّب إتخاذ قرار حاسم، حماية للوطن، وإبقاءً لجذوة الطموح لدى القيادات الأردنية المؤهلة.
فكان قرار التعريب الذي أصاب (رئيس الوزراء البريطاني، المستر إيدن) بحالة من (الهستيريا) على حدِّ تعبير (آفي شلايم)، وبذكاء حادّ وردٍّحاسم أوضح الملك للسفير البريطاني (مستر ديوك) الذي حمل إليه رسالة (إيدن) التهديدية، أوضح مثالب كلوب باشا، الذي لم يعترض على القرار الدستوري الذي اتخذه الملك بدوافع وطنية.
أما ردّه الحاسم، أيضاً كما يقول (آفي شلايم) حرفياً: (إن ما عملْتُه هو لصالح وطني وشعبي، ولن أتراجع، وأفضّل أن أفقد حياتي على أن أغيرّ قراراً إتخذته، مهما كانت النتائج (Come What May) وطويت الصفحة، وذهب (إيدن) إلى جزيرة النيسان.
كانت هذه (البانوراما) التي قدّمها الفريق (م) الملكاوي دافعاً قوياً لإرتفاع وتيرة الحوار والمداخلات في ذلك اللقاء الأسبوعي في جمعية الشؤون الدولية.
تحية للصديق العزيز الفريق (م) الملكاوي، أبي رأفت، لذلك العرْض برؤية وتحليل عميقيْن، وتحية لفرسان الحوار، ولجمعية الشؤون الدولية لوضع هذا الحدث في المكان والوقت المناسبيْن.
وتهنئة للوطن: قائداً وجيشاً وشعباً بهذه المناسبة الوطنية.