مشاعر الفرح تعمّ أرجاء الأردن كافة، احتفاءً بالزفاف الملكي، ومظاهر البهجة ترسم صورة أردنية فريدة، تفوح منها رائحة وطنية زكية، لتسجل يوما خالدا في الذاكرة الوطنية، وذكرى لا تنسى في تاريخ وطن، يدخل مئوية جديدة برؤية إصلاحية، ترتكز على مشروع نهضوي يحظى بدعم ملكي، وجاء ترجمة لتوجيهات جلالة الملك المفدى.
نحن أمام مشهد وطني بهيج، يعبر عن إجماع شعبي واضح، يجدد فيه أبناء الوطن، العهدَ مع مليكهم والبيعة له، ويؤكدون التفافهم حول قيادتهم، ما يدعو للتأمل في الرسائل التي يحملها هذا المشهد البهي، والمعاني التي تفيض منها. ورسائل هذا اليوم الأغر، الذي نشهد فيه حدثا بارزا، ليست للمجتمع والأفراد فحسب، بل للدولة ومؤسساتها، ومسؤوليها وصنّاع القرار فيها أيضا. وإذا ما توقفنا عندها، فإننا بالتأكيد، نترجم حالة الفرح التي يزهو بها كل بيت أردني، إلى حالة وطنية عامة؛ من شأنها أن توفر مناخا إيجابيا؛ للمضي قدما في بناء الوطن، وإنجاح مسيرة الدولة من خلال مشروع التحديث الذي أطلقه جلالة الملك، بمسارته الثلاث، السياسي والاقتصادي والإداري. الأمر الذي يدفع باتجاه الخروج من الحالة الراهنة دون تباطئ أو تأخير، حالة لا تخفى على أحد، وعبّرت عنها نتائج استطلاع الرأي حول حكومة الخصاونة، والتي صدرت عن مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، قبل أقل من شهر.
من أجل ذلك، كان السؤال: كيف يمكن أن نحول فرحنا بالزفاف الملكي إلى حالة وطنية عامة تكون رافعة لمشروع الدولة؟
هذه ثلاث رسائل، أرى أنها تأتي في إطار الإجابة على هذا السؤال.
الرسالة الأولى، وهي لصنّاع القرار في الدولة الأردنية، ومسؤولي الإدارة العامة فيها؛ عليكم أن لا تخذلوا هذا الشعب الوفي لقيادته الهاشمية، المخلص في صدق الانتماء إليها، لإيمانه الراسخ أنها تبذل ما بوسعها، من أجل تحسين أوضاعه وتحقيق رفاهه المعيشي والاقتصادي. ما نريده منكم يتعدى فعاليات الاحتفال، ورسائل التهنئة، فرحا بالمناسبة، نريد منكم، (وأنتم قادرون إذا ما توفرت لديكم الإرادة والإدارة) أن تصنعوا حالة مستمرة من الفرح يشعر به المواطن؛ حينما يراجع إحدى وزاراتكم ومؤسساتكم بهدف الحصول على الخدمة المقدمة، وتذكروا أن الخطط والبرامج التي تعلنون عنها، لا تكفي وحدها لتعزيز الروح الوطنية، ومشاعر الانتماء للوطن، إن لم تأخذ طريقها للتنفيذ، وتترجم على أرض الواقع، وإذا لم يتبعها عمل صادق وحقيقي، يرقى بالخدمة التي يسعى الموطن للحصول عليها.
أما الرسالة الثانية، فهي لنخب المجتمع وقادة الرأي العام، والفاعلين في مجالات العمل العام، أنتم أعوان الدولة في إنجاح مشاريع التحديث، عليكم أن تكونوا صادقين وعلى قدر الثقة التي حمّلكم إياها المواطن للحديث باسمه، والتعبير عن قضاياه، وعليكم أيضا، أن تدركوا خطورة اللحظة الراهنة ودقتها. يكفينا عثرات تستنزف من رصيد الوطن، وتجارب ومحاولات دفعنا جميعا ثمن فشلها، وكان الوطن هو الخاسر الأكبر. انظروا إلى الصورة الكبيرة، ولا تكونوا انتهازيين، لا تفكرون إلا بمصالحكم على حساب المصلحة العامة، وتذكروا، وأنتم تشاركون الوطن احتفالاته بالمناسبة، شبابَ الوطن، الذين يحظون باهتمام كبير من لدن أمير الشباب، فهو من يعبر عن آمالهم وتطلعاتهم، للعيش في وطن يحقق لهم الأمن المعيشي والاقتصادي، ويعطيهم الدور الذي يستحقونه في مسيرة بناء الوطن، مستلهمين الإرادة والعزيمة من سموه.
الرسالة الأخيرة، لنا نحن أبناء المجتمع الأردني، كيف تتحقق النهضة المنشودة والتغيير الإيجابي، الذي نسعى إليه ونريد أن نراه واقعا في حياتنا؛ إذا لم نكن نحن جزءً منه؟ وشركاء في صناعته؟ وفاعلون من أجل الوصول إليه؟ الأماني والأحلام لا تحقق المطالب، والمسؤولية كبيرة علينا، في الاشباك الإيجابي مع مشروعات الدولة، سيما السياسي منها والانخراط بالعملية الحزبية.
ختاما، نحن جميعا، - مجتمع ودولة- ، شركاء في ترجمة حالة الفرح الأردنية بعريس الوطن، إلى حالة فرح دائم، تبدد هذا المزاج الشعبي المحتقن، وتسهم في إذكاء حالة وطنية، تكون رافعة للوطن كي يواصل مسيرته في المئوية الثانية.