التحذير الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مؤخرا، من "انتهاء عصر الاحتباس الحراري والدخول في عصر الغليان العالمي"، هو ضربة موجعة للبشرية لما ينتظرها من أهوال وتداعيات مناخية قد لا تبقي ولا تذر.
الكارثة التي أعلنها المسؤول الدولي تضعنا جميعا في موقف حرج في قادم السنوات والعقود، ولا بد فعلا من حشد الجهود والأموال، وقد يكون هناك حاجة إلى تريليونات الدولارات سنويا، لإنقاذ البشرية من درجات حرارة تتفاقم سيكون لها سيناريوهات مرعبة على مستقبل العيش على الكوكب الأزرق، وقد بدأت فعلا.
غوتيريش حث "الدول على تقديم خريطة طريق واضحة وذات مصداقية لمضاعفة تمويل التكيف المناخي بحلول 2025... ووجوب توافق أهداف الطاقة المتجددة مع الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة... وإلى ضمان التزام دول العالم بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية في أقرب وقت ممكن من العام 2040... وإلى ضرورة وفاء الدول بالوعود التي قطعتها بشأن التمويل الدولي للمناخ"، وهذه الأمور في مجملها تقدم حلولا عقلانية، لكن المعضلة كانت وما تزال في التزام دول العالم فيما تقدم.
تصريحات المسؤول الدولي تتزامن مع تحذيرات كثيرة، ومنها افتتاحية نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية مؤخرا "تناولت فيها قلق العلماء من ارتفاع درجة الحرارة في المحيطات وتحذيرهم من كوارث طبيعية تبعا لذلك".
هذا إضافة إلى مئات التحذيرات العلمية الأخرى، خلال السنوات الماضية، والتي بدأنا نرى نتائجها الآن من حرائق منتشرة يصعب السيطرة عليها مثلا في أوروبا، إلى فيضانات عنيفة في آسيا، إلى جفاف مقلق في أفريقيا وغير ذلك، ما يؤكد أن خطر التغير المناخي بات وجوديا للبشرية جمعاء.
الحلول تتطلب في أساسها تغييرا في أنماط تفكيرنا وسلوكنا، وأن نتصرف بحكمة لإنقاذ أنفسنا والأجيال القادمة في المقام الأول، أو نتناسى، كما يفعل المعظم حتى الآن، وعندها سترينا الطبيعة من غضبها ما لا قدرة لنا عليه، ووقتها لن ينفع الندم.
الصورة ليست قاتمة بالمطلق، ولعل الفرصة للخروج بخريطة طريق شاملة وملزمة لتعامل العالم مع تفاقم كارثة التغير المناخي، كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة، تأتي نتيجة ضرورية لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"، والذي ستستضيفه الإمارات العربية المتحدة نهاية العام الحالي.
على العالم جميعا دعم الإمارات في مسعاها، وهي التي يتمتع الرئيس المعين لديها لمؤتمر الأطراف COP28، الدكتور سلطان الجابر، بخبرة مميزة في العمل المناخي وقدرة استثنائية على قراءة المشهد المناخي العالمي بصورة شاملة تؤهله، كما سلطت الضوء على ذلك العديد من الجهات الدولية، ومنها وكالة بلومبرغ الاقتصادية، لضمان نجاح أعمال المؤتمر ليشكل بداية حقيقية لإيجاد منظومة عمل عالمية ملزمة للتعامل مع أزمة التغير المناخي.
ويبقى الانتقال من الأقوال إلى الأفعال حجر الزاوية في حربنا ضد جنون الطبيعة الذي صنعناه بأيدينا وبتنا نهلك بسببه، وهذا ما دفع الملياردير الأميركي الرائد في قضايا التكنولوجيا والمناخ، بيل غيتس، إلى القول في تصريحات له: "يشكل COP28 فرصة حاسمة لقادة العالم للقاء واتخاذ خطوات حقيقية لتسريع طريقنا نحو صافي صفر انبعاثات لثاني أكسيد الكربون".
لنعمل جميعا نحو ذلك قبل فوات الأوان، ولعل في تعهد جدي لدول العالم لزراعة مليارات الأشجار مخرجا حقيقيا لإنقاذ الأرض والبشرية. المبادرات عديدة في هذا الاتجاه. لنعمل على نجاحها، وليزرع كل منا شجرة ينقذ بها العالم.