من أكثر الكلمات التي تتكرر أمامي في الآونة الأخيرة هي كلمة ( عامل ) ..فالإعلام و الإعلاميّون يستخدمونها بشكل يسطل الراس ..!! فهم يقولون : وهذا يشكّل عامل تهدئة ..!! ويقولون : عامل أساسي في كذا ..!! ويقولون : عامل وطن ..و عامل مياومة ..وأخيرًا : عامل موسمي ..!!
لا اعتراض لديّ على استخدام كلمة ( عامل ) ..وجه اعتراضي فقط ..أن ( عامل ) أينما ورد ؛ لا يكون عاملًا ..بل هو الوحيد العاطل عن العمل ..و الوحيد الذي يرى العمل عبءًا ثقيلًا على العمل نفسه ..!!
ففي أي موضوع يكون هناك ( عامل تهدئة ) ؛ بالضرورة أن يكون هذا العامل ( معصّب ) و ( يكافيكوا شرو ) ..!! ومن الأهميّة بمكان أن يكون ( العامل الأساسي ) هو الذي لا يعلم بالموضوع ؛ وإذا علم يضحك سخرية من ( الأساسي ) الذي يتحدّثون عنه و يسأل نفسه : معقول يا ناس بكون أنا هيك وأنا مش داري ..؟؟ أما ( عامل الوطن ) فهو الوحيد الذي لا يرد ذكره بهذا التوصيف إلا رسميًّا ومع ( ابتسامة صفراء ) ..والكل يقول عنه ( عامل نظافة ) ..!!
وأمّا حكاية ( عامل المياومة ) ..فأعتقد بأنها من أكثر التسميات التي تحزّ في النفس و تُعطي انطباعًا بأن هذا الشخص ( يتنفس يومًا بيوم ..) بل كل يوم يجدّدون له الحياة ..!! حتى ظهر أخيرًا مصطلح ( عامل موسمي ) ..والعامل الموسمي لمن لا يعرفه هو الذي يتم الاتفاق معه على العمل فترة معينة من السنة فقط ..في هذه الفترة عليه أن يعيش و عليه أن يتنفس و ( يخبّي أنفاسًا من قبيل الاحتياط ) للفترة التي ينتهي فيها موسمه ..وصدق من قال : نحن البلد الوحيد الذي لدينا كل الأشياء موسميّة كالبطيخ و المشمش ..حتى لو كان هذا الموسمي ( بني آدم ) له عقل وقلب و جوارح و يمتلك ( روحًا ) كأي مخلوق ..!!
كلنا نتحدث عن ( العامل ) في كل اتجاه ( تهدئة و وأساسيًا ووطنًا و مياومة و موسميًّا ..) لكل لا أحد تأخذه نشوة الحديث و يتكلّم عن ( عامل ) آخر ..عامل لو وضعتَ اصبعك عليه لوضعتَ اصبعك على الجرح الحقيقي ..انه العامل إللي ( عامل عمايل ) ..!! القوا القبض عليه ؛ وخذوا منيّ مجتمعًا عاملًا بكل اتجاه و بشكل صحيح لا يقبل القسمة على الحياة و الموت معًا ..!!