ملاحظة / قد يعتقد البعض من عنوان مقالتي ، انني سوف اتحدث عن زيارتي لنيويورك ومعالمها ، بعيد عن عالم السوشال ميديا والسياسة وهذا ما كنت ابغيه . ولكنكم ستجدون انهما لم يفارقاني منذ وصولي الى مغادرتي . وفي كل لحظة ومكان ، وفي كل شارع وزاوية .
ويوم وصولي اصطحبني ابني من المطار الى بيته في ولاية نيوجرسي والذي يقع على ضفة نهر هدسون المقابلة لمدينة نيويورك ، مما يجعلها تبدوا ممتدة امامه في طولها وارتفاع ابراجها . وكنت انا وزوجتي قد وصلنا في ساعات مابعد الظهيرة ، مما اتاح لنا الاستمتاع بمنظر مدينة الابراج في وضح النهار والشمس مشرقة ، وفي لحظات المغيب عند انعكاس اشعة الشمس على زجاج ابراجها لترسم عليها اروع اللوحات الكريستالية . وفي ساعات ما بعد المغيب حيث تتحول الى جوهرة مشعة من الانوار والالوان وفي منظر خلاب .
وبعد ان احتضنت احفادي ، وتناولت ما اعدته زوجته من اطايب الطعام ، امضيت بقية نهاري وانا التقط الصور لمدينة نيويورك في هذه المراحل الثلاث . وكم احسست بالرغبة بخوض نهر هدسون سباحة وانا لا اجيدها واغرق في شبر من الماء ، لاصل اليها واسبر غورها ، واتجول في شوارعها التي تحجب ابراجها اشعة الشمس عنها ، الامر الذي تأخر لبضع ايام .
حيث غادرنا في اليوم التالي بالسيارة الى واشنطن العاصمة . واقمنا هناك في مقاطعة ألكساندريا في ولاية فرجينيا . وفي اليوم التالي قطعنا نهر بوتوماك في باص مخصص لنقل الزوار بالمجان . وقمنا بزيارة المواقع الرئيسية في واشنطن ، وهي مبني الكابيتول الذي شهد واقعة الهجوم عليه من قبل انصار ترامب بتاريخ السادس من يناير / كانون الثاني عام 2021 احتجاجاً على نتائج انتخابات الرئاسة عام 2020 . التي ادعى ترامب حصول تزوير فيها ، والتي لا تزال تداعياتها تتفاعل حتى الآن . ثم زرنا نصب الرئيس جورج واشنطن التذكاري ، والذي هو عبارة عن مسلة ضخمة اقيمت على النموذج الفرعوني ، وعلى تلة مرتفعة قليلاً تقع في متنزه ناشونال مول بالقرب من نهر بوتوماك ، وعند منتصف المسافة تقريباً ما بين مبنى الكونجرس ونصب لينكولن التذكاري . وقد تم تشييد هذا النصب في الفترة من عام 1848 وحتى عام 1878 وذلك تكريماً لبطل استقلال الولايات المتحدة الامريكية ، والذي قاد حرب التحرير عن بريطانيا ، والتي استمرت منذ عام 1775 وحتى عام 1783 والتي انتهت باستقلالها. وبعد ذلك انتخب جورج واشنطن كاول رئيس للولايات المتحدة الامريكية باجماع المجمع الانتخابي لفترتين انتخابيتين من عام 1789 وحتى عام 1797 ، والذي توفي بعد ذلك بحوالي السنتين . وكان جورج واشنطن في عام 1789 ، و اثناء اجتماعات اعداد الدستور ، قد وجه نصيحة للشعب الامريكي يحذرهم فيها من تمكين اليهود في اميركا . وكان مما قاله ( ان هناك خطر عظيم من اليهود ، الذين وكلما حلوا بارض اطاحوا بالمستوى الاخلاقي فيها ، وافسدوا الذمة التجارية . وقال انه ان ما لم يتم ابعادهم من اميركا بموجب الدستور ، فأنهم سوف يتدفقون عليها خلال المائة عام القادمة الى درجة ستمكنهم من تشكيل حكومة داخل الحكومة ، و ان يتحكموا بشعبنا ويدمروه ، واذا ما وجدوا معارضة لهم فأنهم سيعملون على خنق الامة مالياً ، ويصبح مصير اولادنا ان يعملوا في حقولهم ، وانهم اخطر مئة مرة من جيوش العدو ) . كلام لو اخذ به الامريكيون في حينها لتغير مجرى التاريخ . ولو انه قاله في هذه الايام لاتهم بمعاداة السامية . وفي السنة الاخيرة من عمره كتب وصية للامريكيين تضمنت نصائح ومطالب للمحافظة على الوحدة والدستور والديمقراطية . وعدم السماح بتدخل اي طرف خارجي في شأنهم الداخلي . وتحرير العبيد .
ومن نصب جورج واشنطن سرنا الى نصب الرئيس ابراهام لينكولن عبر حديقه تتوسطها بحيرة صناعية ، وتستخدم هذه الحديقة لاقامة الاحتفالات القومية . وقد اقيم هذا النصب بين الاعوام 1915 و 1921 تكريماً لدوره في الحرب الاهلية الامريكية عندما كان رئيساً للولايات المتحدة الامريكية مابين الاعوام 1861 و 1865 ، وانتصاره فيها واعادة توحيدها . ولاعتباره محرر العبيد ، وذلك بموجب الاعلان الرئاسي والتنفيذي الذي اصدره في عام 1863 ، لكنه تم اغتياله اثناء حضوره مسرحية في عام 1865 وقبل انتهاء ولايته بفترة بسيطة ، ومن قبل بعص الانفصاليين ، ومعارضي تحرير العبيد . وترافق ذلك مع قرب نهاية الحرب الاهلية
وقد اقيم هذا النصب مقابل مبنى الكونجرس ( وفي المكان الذي القى منه مارتن لوثر جنج خطبته الشهيرة (عندي حلم ) بتاريخ 28 / 8 / 1963 والذي كان حلمه ان يعيش في اميركا دون تميز عنصري ، الا انه تم اغتياله بتاريح 4 / 4 / 1968 قبل ان يتحقق حلمه هذا ) .
ثما زرنا البيت الابيض ، ووقفنا بالقرب من اسواره . حيث لفت انتباهي اكتظاظ هذه المناطق بالزوار من داخل وخارج اميركا ، ومن كل اجناس البشر . دون ان تلحظ عين ترقب او شخص يتبع . مع ان كل ما فيها مرصود ومتابع حتى لو كان بحجم نملة تسير على الشارع . ولقد لفت انتباهي امام بوابة البيت الابيض وجود بعض العربات التي تبيع المشروبات و الهدايا التذكارية ، ومنها عربة قديمة مواجهة لمدخل البيت الابيض ، يقف امامها رجل في أواخر العمر ، ويرفرف فوقها علم فلسطين ، ومعلق عليها بعض الشعارات والصور ومنها صورة توضح تطور التواجد الصهيوني في فلسطين منذ وعد بلفور الى اليوم ، وكيف كان التواجد الصهيوني فيها على شكل جزر معزولة صغيرة الحجم و قليلية العدد ، و انتهت بان اصبح الفلسطينيون هم الذين يتواجدون في جزر معزولة ، وعلى نحو ما تم ترسيمه ما بين ادارة دونالد ترامب ونتنياهو فيما اطلق عليه صفقة القرن .