أود القول بأن هناك بعض من الخواطر الجميلة والمؤثرة للحكماء والنبلاء والكرماء التي تُنسب إليهم لقوة بلاغتها وفصاحتها في المعنى والمضمون والقيمة تقول لنا ونحن نقرأ سيرهم العطرة فتعبق أرواحنا وأنفاسنا بهذه الروائح الجميلة ذات الجاذبية الإنسانية العميقة التي تعد بوصله في التوجيه والإرشاد والتوعية والتي تهب نسائمها علينا من فضائلهم وأفعالهم الإنسانية النبيلة، فتعلمنا منها الحكم والدروس والمواعظ التي تقول... كونوا كالماء يتحمل أثقل الأحمال على سطحه ويحوي أثمن الأشياء في باطنه من المعادن الثمينة ذات القيمة المضافة في وزنها وأهميتها ...وإذا نزل على أرض ميتة أحياها وإذا اعترضته صخرة دار حولها ولا يتأثر بالمظاهر سواء قدمته في أكواب من ذهب أو أكواب من فخار فإنه لن يتغير ويتلون ..سيبقى ماء بطعمه ولونه... فالأرواح الجميلة تجبرك على أن تقترب منها، وتستعذب حديثها... لأنك تدرك أن قربها راحة ، وملازمتها سعادة وسرور ، فالقلوب مهما اختلفت ففي صفو المشاعر تلتقي وتتعانق.. كغصون الأشجار وإن تباعدت في نظركم فإن جذورها تتلاقى في الأعماق.... هكذا أنتم كالماء لم تغيركم الأحوال والأزمان والأماكن والظروف بل تزيدكم صلابة ومتانه، فالبيوت القائمة والمرفوعة ثابته لقوة أوتادها لا تتأثر بالصواعق وشدة الرياح، وكالذهب كلما مرّ علية الزمان زاد لمعاناً وبريقاً.. تلك هي سيرتكم ومسيرتكم تزداد زهوا وفخرا بطيب أفعالكم ونبل أخلاقكم وتواضعكم...نعم وجدنا قلوبكم ذات لون واحد الأبيض الذي يشع منه الحب والتسامح والخير وجبر الخواطر، فأنتم بنقاء سيرتكم العطرة كالغيث يصيب قصور الأغنياء وأكواخ الفقراء فيسعد الجميع بهذه البركة، ويفرح لقدوم الغيث البشر والطير والحجر فهو من أجمل البشائر التي تُزف لهذه الكائنات على إختلاف أنواعها وأجناسها....
فأسأل الله أن يجعلكم كالغيث أينما وقع نفع ، ويزيدكم الهيبه والوقار والحشمة في قلوب العباد وأن يرزقكم البركة لأنها جندّ من جنود الرحمن إذا أحلت بالشيء زادتهُّ وزانتهُّ.