لن اتحدث عن الفقه الدستوري والفتاوى الممكنة لتوزير النواب لانها واضحة بتفسير المادة ٧٦ من الدستور حيث يتوجب على النائب او العين تقديم استقالته قبل توزيره .
لكن سأتحدث عن وجهة نظره في الفقه الديمقراطي لمسألة توزير اعضاء في السلطة التشريعية، بما ان مرتكزات الديمقراطية الاردنية تستند الى اساس الفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية، وبما ان اعضاء مجلس النواب في الاردن يمثلون الشعب وهم جهة تشريعية رقابية على الحكومة وتقتضي المصلحة الوطنية والحالة الديمقراطية الشفافة التي يفترض ان تصان من كافة اطراف مواقع صناعة القرار بألا يكون هناك اية استمالات او مقايضات من هذا الطرف او ذاك بين الحكومة ومجلس النواب بالذات، فإنني اعتقد انه لو تم بالفعل توزير النائبين الكريمين لكان من الممكن ان تقع الحكومة بانتقاد وقد يفسر ذلك على انها جوائز ترضية وحوافز للنواب لمن ترضى عنهم الحكومة، لذلك جاء قرار اللحظة الاخيرة صائبا وفي محله من الناحية الدستورية والديمقراطية .
ومع ذلك فقد انشغل الرأي العام بتفسيرات مختلفة لهذا القرار الذي حيد النائبين عن التوزير وحتى لا نذهب بعيدا في الاجتهادات والتكهنات، وبما اننا نسير في اتجاه الاصلاح والشفافية وتحديد المسؤولية في مواقع صناعة القرار بعيدا عن المراجل والمحاباة ومحاكاة قوى الضغط السياسي، فانه ووفقا لنظام الدولة الاردنية التي درجت عليها الحالة الديمقراطية منذ اكثر من ١٠٠ عام لم يكن غريبا ان يتم التشاور ومراجعة القرار مع كل مراجع الحاكمية السياسية وصناعة القرار، وهذا نهج ديمقراطي غير قابل للنقد والتفسير والتشكيك بان قوى خارجية قد تكون اثرت على سيادة القرار الاردني في اللحظة الاخيرة..