ما تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة في تعاملها مع الحرب المستعره ضد الشعب الفلسطيني من انحياز استقوائي تام شكلت نتيجة مخيبة لاملنا ، فقد سقطت تلك الوسائل سقوطا مدويا بعدما انكشف زيف اعتقادات تعايشنا اليومي معها وبأنها داعمة لحرية التعبير، وتؤمن بالمساواة دون تمييز على أساس الجنس أو الدين أو العرق.
لقد سمحت تلك الوسائل والمنصات للدعاية الإسرائيلية العنصرية بالنفاذ على ما فيها من وحشية وأكاذيب، وفتحت لها خوارزمياتها لتحقق أعلى انتشار ممكن ، وفي المقابل تقوم باستخدام ذات الخوارزميات لتقييد وصول منشورات الضحايا إلى الناس، مع نشاط مكثف عانى منه الآلاف في تقييد النشر وحظره وحظر الحسابات وإغلاقها.
لقد باتت وسائل التواصل تمارس دكتاتورية معاييرها الفضفاضة دون أن تتيح للمستخدم حق الرد والتصويب ، فإذا نشرت صورا أو فيديو لضحايا قصفتهم طائرات إسرائيلية ، فإن معظم تلك الوسائل ستقوم بفرض عقوبات قد تصل إلى إغلاق الحساب ، في حين أنها تسمح للطرف القاتل بأن ينشر أكاذيبه وتضمن له الانتشار بل وتمنعك حتى من الرد الموضوعي عليه وفضح خداعة ولو بتعليق على حسابه.
الملاحظ ان مسألة إغلاق الحسابات زادت بشكل كبير ، ذلك انتهاكا كبيرا لحقوق الملكية الفكرية، فضلا عن الانتهاك الأساسي لحرية الرأي والتعبير التي تزعم الدول الغربية التي تسيطر على إدارة هذه المواقع بأنها تحميها، فاكتشفنا الحقيقة بأننا نتعامل مع هذه الوسائل بموجب عقد إذعان تام كتب طبقا لمصالح منشئي هذه المواقع وما يتخفى خلفهم من أجهزة استخبارات.
كثيرون اعتقدوا أن حساباتهم على "الفيس بوك” أو "يوتيوب” أو "لنكد إن” أو "بلوجر” وغيرها آمنة ومستقرة لايداع الرصيد الفكري والثقافي والاجتماعي للمستخدم ، ثم على حين غرة سقط كل هذا الجهد في جب النسيان والضياع، ووجد المستخدم نفسه عاجزا عن التواصل مع شبكته الاجتماعية التي نسجها وتعايش معها سنوات طوالا باعتبارها مجتمعه الحقيقي..
من الملاحظ ان وسائل التواصل الاجتماعي الغربية فقدت الكثير من مصداقيتها ، فلا هي تدافع عن حرية التعبير، ولا هي آمنة، ولا هي تحترم خصوصياتنا ومعلوماتنا الشخصية، ولا تريد خيرا لمجتمعاتنا، ولا تعاملنا بطريقة تملك قدرا من المساواة مع من نختلف معهم .
يبقى القول ان يحدث في غزة فضح وسائل التواصل الغربية ضمن فضح سترهم ، وفي أي صدام حضاري قادم سنجد من تلك الوسائل ما هو أكثر فجاجة وقبحا .. والمطلوب فقط صدق النيات. والله المستعان