هل تشعرون بأنكم على ما يرام هذه الأيّام..؟ أنا لا أشعر بذلك.. أشعر باضطراب نفسي حقيقي.. أنا غير متزن نفسيًّا.. زادت عصبيتي بشكل ملحوظ.. أشياء كثيرة فقدتُ شهيتي تجاهها..! لم أعد متحمسًا لحضور أية ندوة أو أمسية شعرية.. لم أعد ذلك العاشق للشوارع وللمراقبة.. لستُ أنا من لا يندفع للحياة؛ لكنني صرتُ كذلك.. وأعترف بأن الأسئلة الوجودية عادت إليّ من جديد وبشكل ضاغط: ما هي الحياة؟ ما قيمتها؟ ولماذا نعيشها؟ وهل حياتك أثمن من أي شيء أم أن شيئًا محدّدًا قد يكون أثمن من حياتك..؟!
ما فعله البث المباشر من غزّة بنا الكثير الكثير..! كثيرة هي الأشياء التي فقدت طعمها ورونقها.. كنتُ أقف على الصغيرة والكبيرة وأقيم القيامة إذا صار هناك خطأ أو انحراف؛ صرتُ اتجاوز ولا "أُتحِّت" على أي شيء؛ وتبريري الحاضر: أهل غزة يموتون بالجُملة وليس بعد ذاك من مصيبة..!
بالتأكيد أن ما نراه على مدار الساعة جعلنا مفصومين.. نحن بأكثر من شخصية طوال اليوم.. سننتصر.. لا لا .. إسرائيل ستسحقنا.. بل المقاومة ستبيدهم وتكبّدهم خسائر غير مسبوقة.. بل لن يسمحوا لنا بالانتصار..! وكأننا نمسك بالزهرة ونلعب غصبًا عنّا: إحنا؛ هُمّا..!
يا الله.. إذا طالت الحرب سنكون حتمًا بحاجة إلى أطباء نفسانيين.. بل أعتقد أن الأطباء النفسانيين أنفسهم بحاجة إلى أطباء.. فتداعيات الحرب لن تترك أحدًا من شرّها.. هي تصيبنا جميعًا..!
لا أحد يسألني عن الشفاء.. فلا شفاء الآن إلّا بشفاء الغليل.. وبعدها لكل مرض دواء..!.