زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة أنتونى بلينكن الثانية للمنطقة لبحث تطورات الأحداث في غزة تؤكد أن الولايات المتحدة تتعرض لضغط كبير على كل الأصعدة، وهو ما أكدته استطلاعات رأي كشفت رفض أغلبية الأمريكان إجراءات إدارة بايدن تجاه إسرائيل، وما كشفته أيضا تظاهرات الملايين الحاشدة حول العالم لوقف إطلاق النار، وكذلك مشهد رفع الأيادى مُخضبة بالدماء أثناء طلب بلينكن مساعدات لإسرائيل في الكونجرس الأمريكى، لذلك فإن اعتقادى أن إدارة بايدن قررت أن يقوم بلينكن بمناورة جديدة يحقق منها عدة مكاسب، أهمها ترضية الداخل الأمريكى، فجاء الحديث عن إطلاق هدنة إنسانية، والسماح بتدفق مساعدات أكثر لقطاع غزة، والعمل على إيجاد ممرات آمنة لنقل الجرحى ومزدوجى الجنسية إلى خارج غزة.
لكن خيوط المناورة - في ظنى - تكشّفت تماما عندما تحدث بلينكن عن ما بعد حرب غزة وكيفية إدارة القطاع، متجاهلا حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واختيار من يحكمه، ومؤكدا على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ليسأل الجميع سؤالا، لماذا هذا الحديث وإسرائيل تواصل القصف الجنونى كل لحظة والشعب في غزة يتعرض لإبادة جماعية، أليس من الأولى هو التركيز على وقف إطلاق النار لإنقاذ الأطفال، ووقف المجازر وجرائم الحرب؟
وهنا.. رأى العالم أن هذه التحركات الأمريكية تأتى في إطار سلسلة من المناورات لمنح إسرائيل الفرصة لتحقيق ما تريد، ولتقليل الضغط على الإدرة الأمريكية، وهو ما دعمته تقارير إعلامية بأن هذه المناورات هدفها في الأساس تمييع الأحداث، وتشتيت الجهود، وكسب الوقت، والإصرار على تحقيق هدف إسرائيل فى مخططاتها التي تبدأ بالانتقام وتصل إما للتهجير أو الإبادة.
ليأتى الحديث عن كيفية إدارة غزة بعد الحرب، فما بين سيناريو تكوين تحالف دولى من الغرب والإقليم لإدارة القطاع إلى عودة السلطة الفلسطينية لإدارة غزة فى وجود قوات حفظ سلام، إلى الحديث عن إدارة مصر للقطاع، لذا، نقول إن كل هذه السيناريوهات لا وقت لها وتنم عن نوايا خبيثة تحمل في طياتها خدمة الكيان الصهيوني، لذلك كان هناك موقف عربى واضح خاصة من "مصر والأردن وفلسطين" بأنه لا يجب الحديث عن أى شئ قبل وقف إطلاق نار فورى وإغاثة شعب غزة.
وبالتالي أغلقت الأبواب أمام مناورة بلينكن بالثبات على الموقف، والتأكيد على أنه لا موافقة على سياسة التسويف والفلسطينيون يذبحون كل ثانية، وأنه لا حل حقيقى إلا بوجوب وقف لإطلاق النار، وأنه لا حديث عن إدارة غزة قبل وقف جرائم المحتل، ولأن هذا شأن داخلى فلسطيني مكفول بالقانون الدولى والاتفاقيات الدولية كأوسلو، لذا وصف الكل مواقف "مصر والأردن وفلسطين" الثابت والمحدد بأنه كان خير رد على المناورة الأمريكية التي جاء من أجلها بلينكن.. فاللهم نصرا لأشقائنا في فلسطين.