لكلّ حربٍ رموزها .. ولعلّ من أبرز رموز الحرب المجنونة الآن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسّام و الخبير العسكري الأردني اللواء فايز الدويري..
نعيش طوال اليوم على القصف والجثث و الأشلاء والصراخ ومشاهد تدمي الحجر.. ونظلّ بانتظار فيديو قصير تبثّه كتائب القسّام عن تفجير دبابة هنا وقنص آلية هناك.. وبعدها ننظر لعضنا وكأننا كسبنا كلّ الحرب ولتأكيد ذلك لا يبطئ اللواء فايز الدويري بالخروج علينا على قناة الجزيرة ليشرح لنا البطولة ويرفع من معنويّاتنا التي أكلتها المجازر وكلام السياسيين عن مرحلة ما بعد الحرب..! لا يكتفي الدويري بتقديم الرأي والتحليل العسكري بل يتعدّاه إلى التحليل السياسي وبقلب نظيف.. وأتساءل هنا: نحن في ذات اليوم نعيش النقائض كلها؛ ترتفع معنوياتنا وتنخفض عشرات المرات مع كل خبر صادق وكاذب؛ ألا يحدث ذلك مع اللواء الدويري؟ فهو محافظ على ذات النسق وعلى ذات السرديّة منذ أول الطوفان إلى الآن..؟
أما أبو عبيدة؛ فإنه نجم الحرب الأوّل.. أكل الجو من نيتنياهو ومن بايدن ومن نجوم السينما.. كل يوم ننتظره.. بل أطفالنا وأمهاتنا والشوارع كلّها بانتظاره.. أبو عبيدة حين يظهر أو يعلو صوته يسكت كل ضجيج.. يقطع كل حكاية.. يوقف الزمن ويوسّع المكان.. لا أحد يقول للآخر: اسكت لنسمع.. بل نسكت تلقائيًّا لنسمع.. وخلال فواصل جمله وعباراته تلهج الألسن بالأدعية مع الخشوع..!
كلّ يوم في الحرب زئبق (طالع نازل).. ونحن لا نملك إلّا الطلوع والنزول.. هي الحرب.. تفاصيلها فيها وما يصل إلينا إلّا النزر اليسير.. ولكن مؤشّراتها تقول بأننا في وضع جيّد وأن المقاومة بخير..!