أن أجندة إجتماعات قادة دول مجلس التعاون الخليجي ضمن القمة الخليجية الـ 44 وألتي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة، حملت في طياتها كثيراً من الملفات الإقتصادية ولا سيما في ما يتعلق بالتأشيرة الموحدة وكذلك ربط الدول الست بالسكة الحديديه وغيرها من الملفات ألتي تعزز التعاون والتكامل بين أعضاء المنظومة الخليجية، إلا أن تصاعد التوتر في قطاع غزة يظل العنوان الرئيسي والذي طغي على إفتتاح القمة، والقمة الخليجية إنعقدت في ظل إستمرار المأساة الخطرة والكارثة الإنسانية الناجمة عن العدوان الهمجي والبربري الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني وخصوصاً أهلنا في قطاع غزة، في وقت تبقى فيه المجازر التي إرتكبتها سلطات الإحتلال الإسرائيلي بحق أهلنا الفلسطينيين في القطاع تعمق الشعور بالظلم وبعجز الشرعية الدولية، وزاد من العار على جبين المجتمع الدولي أن يتيح لهذه الجريمة النكراء بحق المدنيين أن تستمر لمدة تجاوزت الشهرين، يتواصل فيها القتل الممنهج والمقصود للمدنيين الأبرياء بمن في ذلك النساء والأطفال، لكن يبقى الوجه الآخر لهذه المأساة الإنسانية هو صمود الشعب الفلسطيني ( شعب الجبارين ) والمقاوميين وإصراره على نيل كافة حقوقه المشروعة، وقد أصبح اليوم مبدأ الدفاع عن النفس لا ينطبق على الإحتلال ولا يجيز ما ترتكبه إسرائيل من جرائم إبادة وتطهير عرقي إذ لا يمكن تهميش قضية الشعب الفلسطيني، والأمن غير ممكن دون سلام دائم وحل عادل للقضية الفلسطينية وفقاً للقرارات الدولية وحل الدولتين، وهذا ما ينادي به جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه في كل المحافل الدولية ويصر عليه، وفي الوقت ذاته إلى أن جهود الوساطة نجحت في الإفراج عن محتجزين وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وكذلك إلى الهدنة الهشة والموقتة إلا أن هذه الهدنة في الحقيقة لن تكون بديلاً عن وقف إطلاق النار في القطاع، ودول مجلس التعاون الخليجي تعمل من أجل التوصل إلى تعاون أو تفاهم لحل بعض القضايا الإقليمية، كمراقب ومتابع فأن مواقف الدول الخليجية الست راسخة في دعم الشعب الفلسطيني، خاصة وأن هذه الدول تجد نفسها محاطة بواقع مرير ومؤلم خاصة ما تشهده من جرائم دموية جسيمة تقترف بحق الشعب الفلسطيني في غزة، فهي اليوم تدعوا المجتمع الدولي إلى العمل فوراً على وقف إطلاق النار في القطاع، وكانت مسيرة دول مجلس التعاون الخليجي قد مضت تُحقق نجاحاً تلو النجاح في ظل أخطار وأزمات تحدق بدولهم، والموضوع الأهم في القمة الخليجية هو السعي لإيجاد الضغط على الأطراف الدولية لوقف المجازر الإسرائيلية البشعة بحق الفلسطينيين، كما أن أزمة غزة هي العنوان الأبرز والذي فرض نفسه على كافة الأجندات الإقليمية والدولية لما تمثله هذه الأزمة من تبعات إنسانية وجيوسياسية فيما إذا تحولت هذه الأزمة إلى عابرة لحدود جوار دولة الإحتلال، وتبقى هناك قضايا شائكة تعاني منها المنطقة في الوقت الراهن، وتم مناقشتها بين قادة الخليج، دون نسيان نشاط التنظيمات والكيانات السياسية على الأمن الإقليمي والخليجي، لا سيما مع التصعيد الحوثي حالياً في البحر الأحمر وبحر العرب، فهذا التهديد الأمني تم مناقشته في هذه القمة، وبضرورة تحييد من يمثله الحوثي من تهديد مباشر لأمن وأستقرار المنطقة واليمن، كما أن نتائج القمة قد تشمل ملفات متعددة، من أبرزها تجديد موقف الدول الست تجاه القضية الفلسطينية ورفض ممارسات إسرائيل العدوانية على غزة، ويبقى موقف دول الخليج العربي من القضية الفلسطينية واحد، حيث يتلخص في الخيار السلمي لحل تلك القضية من خلال تفعيل قرار إنشاء الدولتين إضافة إلى وجوب محاسبة إسرائيل على جرائم الحرب والإنتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، وأن محادثات الوساطة في شأن غزة لا تزال مستمرة بهدف إنهاء الحرب هناك والأستمرار في بذل الجهود لعودة العمل بالهدنة وإطلاق سراح الأسرى وتبادل السجناء، مع إمكانية تأكيد هذه القمة على أهمية الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني ووقف الأعتداءات عليه، إلا أن الملفات الخليجية المشتركة كانت موجودة في أجندة نقاشات القادة في هذه القمة، لأن دول المجلس يربطها مصير مشترك ورؤية ومستقبل واحد، فهي تسعى إلى تفعيل المؤسسات والمشاريع الموحدة حتى يشعر المواطن الخليجي بالنتائج والتطورات الإيجابية إلى لم الشمل وتحقيق المصالح المشتركة، كما أن هناك محادثات خلال القمة تناولت العديد من الملفات الإقتصادية المشتركة بين الدول الست من أهمها تنفيذ السكة الحديدية بينهم، وكذلك العمل على إقرار التأشيرة المشتركة وألتى تتضمن تنقل غير مواطني الدول بشكل سهل وسلسل، وأن هناك مراجعة للأتفاقيات الثنائية بين الدول الست ولا سيما وأن خلال الإجتماعات التحضيرية شهد إنعقاد العديد من الأجتماعات لعل من أبرزها إجتماع المجلس التنسيقي السعودي - القطري، ولدى دول المجلس شراكة فاعلة بين قطاعات كافة، فالقطاع الخاص لطالما كان حاضراً في القمم السابقة، وهي الآن في حاجة لأن تلعب رؤوس الأموال الوطنية دوراً أكثر تقدماً في مشاريع البنى التحتية الإستراتيجية مثل الربط الحديدي وإنتاج الطاقة والنقل المتعدد الوسائط والدعم اللوجستي والعودة في التفكير في عملة خليجية موحدة أو رقمية، في وقت تبقى فيه المشاريع المطروحة من ربط السكة الحديدية والتأشيرة الموحدة خطوة مهمة للتكامل الإقتصادي، وينبغي كذلك الإسراع في مشاريع التكامل الإقتصادي بين الأشقاء الخليجيين، وما نراه اليوم في العالم من التكتلات الإقتصادية سينعكس سلباً إذا لم تصل والتحديات الراهنة والمستقبلية، ويبقى العمل على رفع سقف توقعات المواطن الخليجي للقمم الخليجية والتحديات الجيوسياسية والإقتصادية ألتي نواجهها ضروري، فالتكنولوجيات الحديثة والأقتصاد المعولم تطرح فرص، وكذلك تحديات للدول الخليجية والمواطن العربي والذي يأمل المواطن الخليجي أن يتخذ القادة في هذه القمة بالذات بعض الخطوات العملية وألتى تؤدي بدورها إلى تطوير العمل الخليجي المشترك والإستفادة من الإمكانات الإقتصادية، وشهدت القمة حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضيفاً عليها، إذ أشار في كلمته أمام القادة الخليجيين إلى أن وجوده هنا هو إنعكاس لرغبته في تعزيز العلاقات والتعاون بين تركيا ودول الخليج، وأن حجم التعاون التجاري بين بلاده ودول المنظومة الخليجية، إذ قدر حجم التبادل التجاري بـ 23 مليار دولار وستشهد تطورات ملموسة بما يخص التعاون الإقتصادي بين دول مجلس التعاون وتركيا وألتى بلغت معدلات الأرتفاع فيها خلال العقدين الاخرين إلى 13 ضعفاً، منوهاً في الوقت ذاته إلى حرص بلاده تنفيذ إتفاقات التجارة الحرة المشتركة مع دول الخليج العربي، وكذلك أبدى إهتمامه بمشاريع النقل بين تلك الدول وتركيا، كما تناول الرئيس التركي في كلمته الحرب على قطاع غزة حيث قال : من المهم أن نتابع القرارات ألتي أتخذناها في القمة العربية الإسلامية الأخيرة والمنعقدة في العاصمة السعودية الرياض، وهدفنا هو تحقيق الهدنة الدائمة ووقف إطلاق النار والوصول إلى دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، واستدرك بالقول إن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يخاطر بمستقبل المنطقة برمته من أجل حسابات سياسية شخصية في الداخل، وكما كانت غزة حاضرة كعنوان رئيسي لقمة دول مجلس التعاون الخليجي الـ 44، حضرت بقوة في البيان الختامي للقادة، والذي أكد في أول بنوده على الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعمه المتواصل لرفع معاناة سكان القطاع، ومد يد العون لإعادة بناء ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية في إعتداءاتها الوحشية على القطاع خلال السنوات الماضية، إذ أنشأت دول المجلس في عام 2009 برنامج مجلس التعاون لإعادة " إعمار غزة"، وتعهدت في إطار هذا البرنامج بمبلغ 1،646،000،000 دولار، وذلك بالإضافة إلى المساعدات الثنائية المباشرة العينية منها والمالية، والمساعدات غير الرسمية وإنشاءالمستشفيات والمراكز الصحية ومراكز الدفاع المدني والمدارس والمعاهد والمساجد، وكان أخرها التعهد في شهر تشرين أول/أكتوبر بمبلغ إضافي بقيمة 100 مليون دولار للجهود الإنسانية، إضافة إلى الحملات الشعبية ألتي حشدت مئات الملايين من الدولارات لدعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وحذر القادة الخليجيون من أخطار توسع المواجهات وامتداد رقعة الصراع إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط، كما طالبوا المجتمع الدولي بالتدخل لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين في القطاع، وأتخاذ الإجراءات اللازمة ضمن القانون الدولي للرد على ممارسات إسرائيل وسياسة العقاب الجماعي ألتي تنتهجها ضد سكان غزة العُزل، وأكد المجلس على مواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية وحل الدولتين وثمّن الجهود ألتى بذلتها المملكة العربية السعودية ومبادرتها بالشراكة مع الجامعة العربية والأتحاد الأوروبي والأردن ومصر لإعادة إحياء عملية السلام، وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية لعام 2002 ، كما أشادت القمة بالدور المتنامي لدول المجلس في التصدي للتحديات السياسية والأمنية والأقتصادية في هذه المنطقة وخارجها، ومساهمتها في حل القضايا ألتي تهدد السلام والأمن والأستقرار، واستضافتها للفعاليات الدولية الكبرى، وأكد القادة أن نجاح هذه الفعاليات الدولية نجاح لكافة دول وشعوب المجلس عبر تنظيم الفعاليات الكبرى ما من شأنه أن يعزز الحوار الدولي والتواصل بين شعوب العالم، ويرسخ مكانة المنطقة كمركز دولي للأعمال والأقتصاد وتعزيز الجهود الرامية لتطوير مصادر الطاقة المتجددة والتعامل مع التغير المناخي.