2025-12-18 - الخميس
حكم غير مسبوق.. محكمة الاستئناف بمصر تؤيد نفي نسب طفلة بالبصمة الوراثية بعد وفاة الأب nayrouz بحضور ترامب.. مراسم عسكرية كبرى لقتلى الحرب بسوريا nayrouz الأردن ومصر يبحثان التعاون في مجالات البترول والغاز الطبيعي والتعدين nayrouz هل الشارع الاردني سيشهد ازحاما كبيرا احتفالا بفوز النشامى على نظيره المغربي؟ nayrouz إصابة 13 شرطياً إسرائيلياً بمواجهات مع الحريديم في القدس nayrouz المشرف تكتب يا لكرم المقترين إذا جادوا! nayrouz السفارة الاميركية بالاردن: كل التوفيق للنشامى في مباراة اليوم! nayrouz مدير الحسين للسرطان يحذّر من تقارير طبية مزوّرة ودعوات تبرع مضللة nayrouz انتهاء الشوط الأول بتقدم المغرب على النشامى بهدف (تحديث مستمر) nayrouz الصفدي: الأردن مستمر في جهوده لوقف التصعيد الخطير بالضفة nayrouz المنتخب المغربي يتقدم على النشامى بهدف(تحديث مستمر) nayrouz محافظة: إرسال مسودة قانون وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية لمجلس النواب الشهر المقبل nayrouz نشامى الأمن العام يوزّعون الأعلام ولفحات المنتخب على جماهير النشامى في صالة الأمير حمزة...صور nayrouz مدير تربية جرش يلتقي رؤساء قاعات امتحان الثانوية العامة للدورة التكميلية nayrouz العيسوي ينقل تعازي الملك وولي العهد إلى عشائر الشبول والرشدان والخلايلة والسعايدة والبقور...صور nayrouz ولي العهد والأميرة رجوة يصلان ستاد لوسيل لمؤازرة “النشامى” nayrouz رسميًا: موعد مباراة الأرجنتين وإسبانيا في كأس الفيناليسيما nayrouz بعد إقالته من تدريب بوتافوغو.. نجل أنشيلوتي يتلقى عرضا إيطاليا nayrouz أسطورة أسود الأطلس: يامال فقد حب المغاربة بعد اختياره اللعب لإسبانيا nayrouz مركز المياه يعقد برنامج تدريبي لقطاع المياه الفلسطيني nayrouz
حزن عميق على وفاة الشاب راكان غازي الحويطات nayrouz وفيات الأردن اليوم الخميس 18-12-2025 nayrouz وفاة الشاب محمد علي عويد أبو زيد nayrouz الرمثا تنعى شيخ عشيرة الشبول الحاج محمد عبدالرحمن عوض الشبول nayrouz الحاج صالح اسمير البدر الخريشه في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن اليوم الأربعاء 17-12-2025 nayrouz وفاة الأردني الطلافحة صاحب مبادرة كاسة زيت من كل بيت nayrouz وفاة سفير الأغنية السودانية الدكتور عبدالقادر سالم nayrouz ذكرى وفاة الحاجة مريم عشبان المعاويد الحنيطي (أم محمد) nayrouz وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 16-12-2025 nayrouz وفاة الرائد علي غريزات أثناء أداء واجبه الرسمي في شرطة غرب إربد nayrouz وفاة الحاج سمير توفيق الشاويش مالك مطعم أبو توفيق في سحاب nayrouz الخريشا تعزي أسرة العفيشات والأسرة التربوية بوفاة والد الزميل أحمد العفيشات nayrouz وفيات الاردن ليوم الاثنين الموافق 15-12-2025 nayrouz الخريشا يعزي عشيرة القصاب بوفاة الحاجة أم علي رشدة غثوان nayrouz حزب البناء الوطني فرع عجلون ينعى وفاة الشاب غازي القضاه nayrouz وفاة الشاب غازي علي عبدالرحمن القضاة. nayrouz وفاة الحاج عبدالرزاق حسين الحياري "أبو أشرف " nayrouz حادث مأساوي على طريق جابر يودي بحياة ملازمين اثنين nayrouz وفاة الملازمين جعفر الغزالي وإسلام صبيحات إثر حادث سير مؤسف nayrouz

“شيخ المجاهدين” (عمر المختار)

{clean_title}
نيروز الإخبارية :

بقلم -أبراهيم أصلان 
” (الجنرال غرتسياني: قائد القوات الإيطالية)واصفا عمر المختار عندما نظرت إلى عمر وجدته وقد علته هالة من النور يراها القاصي منه والداني، فأخذت شفتاي ترتعشان ولا أعلم سبب هذا الخوف الذي ملأ قلبي؟! فقلت لنفسي هذا قديس وعلى الرغم من كونه حاكم برقة الإيطالية. 


كان العدوَّ الأول لعمر المختار طوال سنين حكمه في برقةإلا أنه وصفه بأنه «الرجل الذي لا يسعنا إلا أن نعترف له بالصّمود وبقوَّة الإرادة الخارقة حقاً».
وقد كتبت عنه صحيفة التايمز البريطانية في اليوم التالي لإعدامه مقالاً وصفته فيه بـ«الرجل الرهيب المرعب»وشيخ القبيلة العنيف الذي بقي لسنواتٍ طويلةٍ يمثّل روح المقاومة العربية
الحكاية بدأت في خيمة لإحدى القبائل البدوية التي يرجع نسبها إلى قبيلة قريش العدنانية هناك قرر رجلٌ يدعى المختار بن عمر أن يصطحب زوجته عائشة بنت محارب لكي يحجّا معًا بيت اللَّه الحرام ليتوفى المختار في طريقه إلى مكة تاركًا وراءه طفلًا يتيمًا اسمه عمر ليتربى هذا الطفل في البيئة الصحراوية البدوية التي خرَّجت فرسان الصحابة من قبل ليصبح عمر المختار فارسًا لا يشق له غبار.
وفي نهايات القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين انتقل عمر المختار إلى قلب أفريقيا ليجاهد مع إخوانه من مسلمي "تشاد” ضد الغزاة الفرنسيين ليلقن فيها المختار جنرالات فرنسا دروسًا في فنون القتال العربي الأصيل قبل أن يلقنهم ما تعلمه من دروس الكفاح الإسلامي ضد الغزاة
عندها ذاع صيت المختار في أرجاء إفريقيا فانتقل بين القبائل الإفريقية ينشر الإسلام فيها، قبل أن يفرغ نفسه لكي يصبح معلمًا
وفي يوم ٢٩ سبتمبر من عام ١٩١١ م أرسلت إيطاليا قوات بحرية لاحتلال ليبيا ليعود المختار من جديد إلى الجهاد المسلح ولكن هذه المرة ضد الغزاة الطليان فقام عمر المختار بتنظيم صفوف المجاهدين وشن الغارات تلو الغارات ضد صفوف الغزاة
خاض شيخ المجاهدين معارك ليبية كثيره منها من باءت بالنجاح ومنها من باء بالفشل
دارت معركه الشافتير أو عقيرة الدم في يومي 27 و28 من أبريل عام 1927 بين المقاومة الليبية بقيادة عمر المختار وقوات الاحتلال الإيطالي وانتهت بخسارة الثواروتكبدهم خسائر فادحة. كانت المعركة ذات أهمية لأنها كانت أول لقاءٍ مفتوح بين كافة قوات ثوار الجبل الأخضر مجتمعةً تحت قيادة عمر المختار من جهة والجيش الإيطالي من جهةٍ أخرى،
وجاء ذلك على إثر الثقة التي منحتها معركه الرحيبه للثوار إلا إن الخسارة الفادحة في معركة أم الشافتير خصوصاً مع مشاركة سلاح الجو الإيطالي والقصف المستمرّ براً وجواً قد أثبتت عدم فاعلية هذا التكتيك. وبعد هزيمة أم الشافتير عاد الثوار الليبيون إلى أساليبهم السابقة في الكر والفر والإغارة المفاجئة.
كانت قد دارت في 28 مارس عام 1927 معركة الرحيبة التي حاول فيها الطليان اجتياح دور العبيدات شرق ليبيا للقضاء على قوات المجاهدين الليبيين فيها. إلا إن العملية منيت بالفشل فهزمت القوات الإيطالية وتكبَّدت خسائر فادحةً بلغت نحو نصف حجمها مما رفع كثيراً من معنويات الثوار الليبيّين وسبب ضجَّة في أوساط القيادة الإيطالية. ورداً على ذلك قررت إطلاق حملةٍ جديدةٍ لاستعادة سمعتها وهيبتها بعد هزيمة الرحيبة
كانت القوَّات الإيطاليَّة عظيمة العدد والعِتاد، فضمَّت فرق نظاميَّة إيطاليَّة وإريتريَّة وليبيَّة محليَّة، بالإضافة لبضعة فرق غير نظاميَّة من مرتزقة ليبيّون وأفارقة، وعدَّة دبَّابات وسيَّارات مصفحة وفرق هجَّانة وبطاريَّات مدفعيَّة. ويُضاف إلى تلك الاستعدادت سلاح الطيران الذي انطلق من قواعده بالمرج
 علمت إيطاليا بواسطة جواسيسها بموقع المجاهدين في عقيرة أم الشفاتير فارادت أن تحكم الطوق عليهم، فزحفت القوّات الإيطالية نحو العقيرة بعد مسيرة دامت يومين كاملين واستطاعت أن تضرب حصارًا حول المختار ورجاله من ثلاث جهات،وبقوات جرّارة تكوّنت من حوالي 2000 بغل و5000جندى و1000 جمل بالإضافة إلى السيّارات المُصفّحة والناقلة ولمَّا علم المختار بما يخططه الطليان، شرع يعد العدّة مع باقي قادة الجهاد لمُلاقاة العدو، فأعدوا خطة حربيَّة وقاموا بحفر خنادق ليستتر بها المجاهدون وخنادق أخرى لتحتمي بها الأسر من نساء وأطفال وشيوخ، وتمَّ ترتيب المجاهدين على شكل مجموعات حسب انتمائهم القبلي ووضعت أسر كل قبيلة خلف رجالها المقاتلين، وكان قائد تلك المعركة الشيخ حسين الجويفي البرعصي، أمَّا عمر المختار فقاتل إلى جانب المقاتلين الآخرين من غير أصحاب الرتب.
ولم يطل الأمر حتى اشتبك المجاهدون مع الطليان في معركة حامية الوطيس وسقط من الليبيّون الكثير من الرجال، وحتى النساء والأطفال، بعد أن قصفت الطائرات الفاشيَّة أماكن تمركزهم، لكنَّ المختار والباقون تمكنوا من دحر الإيطاليين وأجبروهم على التقهقر والانسحاب مرة أخرى. بلغ عدد القتلى الليبيين 200 شخص، كان من بينهم والد زوجة عمر المختار الذي بكاءه بكاءً حارًا وقال بعد أن سمع بمقتله: «راحو الكل ياعين الجيران وأصحاب الغلا».
بعد انتهاء المعركة، أصبحت القوَّات الإيطاليَّة منهوكة القوى مُصابة بالإعياء من شدة المعارك المستمرة منذ فترة طويلة دون توقفت الملامح السياسة الفاشسيَّة الجديدة وهي الإبادة والتدمير للمصالح والرجال على حدٍ سواء، فاتخذ اجراءات ترحيل النساء والأطفال والشيوخ إلى السلّوم لحمايتهم من الغارات الجويَّة الإيطاليَّة، وتيسيرًا لسهولة تحرّك المجاهدين وفق ما يتطلبه الموقف الجديد. كما أعاد تنظيم المجاهدين على هيئة فرق صغيرة تلتحم مع العدو عند الضرورة، وتشغله في أغلب الأوقات مما يُقلل من نسبة الخسائر المحليَّة أثناء المعارك ويُلحق الخسائر الفادحة بالأعداء وفق التكتيك الجديد لحرب العصابات، ألا وهو الهجوم في الوقت المناسب والانسحاب عن القضيَّة الليبيَّة والنضال الليبي ضد إيطاليا في البلاد الإسلاميَّة والأوروبيَّة على حدٍ سواء فطلب من بعض المجاهدين الهجرة إلى الخارج للتعريف بالقضيَّة َّفي البلدان التي يحلّون بها، فكان تشكيل الجاليات الليبيَّة في الخارج.
عندها تساءل عندها الطليان عن هوية ذلك الشبح المرعب الذي يباغت جنودهم من حينٍ إلى آخر.
بدأ اسم المختار يُتداول في صحف روما
فتغيرت أربع حكومات في إيطاليا نتيجة لهزائم الجيوش الإيطالية المتعاقبة على يد المختار ومن معه من المجاهدين الليبيين، فتحول عمر المختار إلى كابوسٍ يقض مضاجع الإيطاليين، حتى أخذ موسولينى على عاتقه مهمة إنهاء أسطورة المختار التي باتت انتصاراته المتتابعة تسبب الإحراج لسمعة إيطاليا في أوروبا،، فقرر زعيم الفاشية أن يلقي بورقته الأخيرة، فأرسل إلى ليبيا مجرم حربٍ يدعى
غرتسياني ، فقام هذا المجرم بتنفيذ خطة إفناء وإبادة لم يسبق لها مثيل في التاريخ، فكان أول شيءٍ قام به هذا الفاشي المجرم هو بناء أطول جدار سلكي شائك في العالم على الحدود الليبية المصرية، لتنقطع بذلك الإمدادات المصرية إلى المجاهدين في ليبيا، ثم قام مجرم الحرب هذا بإنشاء أكبر معسكر اعتقال في التاريخ، فسجن فيه ما يقرب من نصف عدد الشعب الليبي المسلم، فوضع ثمانين ألف ليبي وليبية في هذا المعسكر الذي كان يتسع أصلًا لعشرة آلاف نسمة فقط، ولم يكتفِ غرتسياني بذلك فحسب، بل وضع مواشيهم وإبلهم في ذلك المعسكر الضيق، فأصبح الناس وكأنهم في يوم الحشر، فمات الليبيون موتًا بطيئًا في محرقة حقيقية يأن لها التاريخ ويندى لها الجبين، ولم يبق من الـ ٨٠ ألف ليبي إلّا ١٥ ألفًا في حالة يرثى لها من المرض والضعف، قبل أن يقوم غرتسياني بإلقاء نصف طن من القنابل على المسلمين المدنيين في مدينة "الكفرة” الليبية والتي قام فيها دعاة الحرية باغتصاب الفتيات المسلمات بالتناوب بينهم، أما كبار السن من الشيوخ والنساء المدنيين فقد كانوا يُقتادون على متن الطائرات مغلولي الأيدي والأرجل، قبل أن يقوم الطليان بإسقاطهم تباعًا من فوق الطائرات وهم يضحكون قائلين: لا تنسوا أن تطلبوا من نبيكم البدوي محمد أن يبعث لكم بالنجدة! ليتم رمي المسلمين من ارتفاع ٤٠٠ متر على الصخور الصماء لتتفجر رؤوسهم أمام أعين أطفالهم، لكي يزرع الفاشيون فيهم الرعب والخوف، قبل أن يخطف دعاة حقوق الإنسان الأطفال من بين أحضان أمهاتهم، لإرسالهم إلى الفاتيكان لكي يعمِّدونهم هناك، ليصبح أولئك الأطفال الأبرياء نصاري، قبل أن يرسلهم الصليبيون مرة أخرى إلى ليبيا ليقتلوا آباءهم بأيديهم!
ذكر أحد الجنود الإيطاليين في مذكراته الصورًه المرعبة للإرهاب الإيطالي الذي كان يراه بأم عينه: "وفي يومٍ من الأيام قام بعض الجنود بحرق حيٍ كاملٍ قرب بنك روما في مدينة طرابلس، فذهبت هناك لأجد أمامي الجثث الليبية المحترقة، هناك وجدت شيخا ليبيًا ما زال على قيد الحياة بالرغم من أن النيران قد نالت من جسمه ما نالت، فلما رآني ذلك الشيخ، مد يده باتجاهي يطلب المساعدة مني، فوجدت راهبًا مسيحيًا يعمل في المستشفى العسكري الإيطالي، فطلبت منه المساعدة لحمل ذلك الليبي إلى المستشفى، فنظر إلى الراهب الكاثوليكي بابتسامة ساخرة وهو يقول لي: لا تقلق كثيرًا على هذا البدوي، سوف أهتم أنا بأمره، اذهب أنت إلى المركز وأبلغ القيادة بأن المهمة تمت بنجاح! فانطلقت إلى المركز لكي أوصل رسالة الكاهن الكاثوليكي وعيناي تراقبان ذلك الليبي الجريح وهو ما يزال رافعًا يده باتجاهي أنا بالذات طالبًا المساعدة، إلا أنني تركته لتنفيذ ذلك الأمر العسكري الذي تلقيته للتو، بعد أن تأكدت أن ذلك الكاهن المسيحي الطيب سوف يقوم بما يلزم لعلاجه. وفعلًا قمت بتنفيذ الأمر العسكري، ثم ذهبت لكي أبيت تلك الليلة في المعسكر الرئيسي للقوات الإيطالية في طرابلس، ولكنني لم أستطع النوم مطلقًا! فلقد كانت صورة ذلك الشيخ الليبي تطاردني كلما أغمضت عيني للنوم، فمنظر يده المرفوعة باتجاهي طالبًا النجدة كان يلاحقني في كل مكان، فقررت حينها أن أذهب بنفسي إلى الحي المحترق في منتصف الليل لأطمئنَّ على ذلك الشيخ، وعندما وصلت هناك كدت أن أفقد عقلي! فلقد وجدت جثة ذلك العربي وقد تفحمت، ويده المتفحمة ما زالت مرفوعةُ كما تركتها، فأجهشت في البكاء بشكل هستيري، وقررت أن أرجع إلى المعسكر لأطلق النار على ذلك الكاهن الكاثوليكي المجرم، ثم أطلق النار على رأسي لأرتاح من عذاب ما أراه من فظائع يومية، إلَا أنني حين أمسكت بالمسدس بيدي تذكرت يد ذلك الليبي المسكين، فقررت أن أنقل جرائم الجيش الفاشي للعالم بأسره، فهربت من الجيش لأفضح أولئك المجرمين في الصحافة".
الحقيقة أن الكثير من صور الإرهاب البشع عندما نأتي على ذكر فظائع محاكم التفتيش الرهيبة! أما عمر المختار. فقد كان في هذه الأثناء يتنقل مع بقية المجاهدين في صحراء ليبيا الحارقة ينصب فيها الكمائن للجنود الإيطاليين، ليحول ليبيا إلى كتلة من نار تحرق معسكرات إيطاليا الفاشية، موزعًا وقته بين الجهاد وقيام الليل، فكان المختار يختم القرآن مرةً كل أسبوع في نفس أيام القتال، وينام ساعتين أو ثلاث ساعاتٍ على الأكثر، حتى جاء ذلك اليوم الذي باغته فيه كمين إيطالي ليصاب فيه فرسه فيسقط عمر المختار على رمال الصحراء عندها أخذ هذا الشيخ الكبير يزحف على بطنه فوق رمال الصحراء الملتهبةليعتقله مرتزقة الطليان ليسرع غرتسياني ليقابل أسد الصحراء المرعب الذي لطالما سمع عنه الأساطير،
يصف غرتسيانى تلك المقابلة في كتابه "برقة المهدأة”:
"حضر المختار أمام مكتبى كانت يداه مكبلتين بالسلاسل يخيل لى أن الذي يقف أمامه رجل ليس كالرجال العاديين له منظره وهيبته، رغم أنه كان يشعر بمرارة الأسر ها هو واقف أمام مكتبي أسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح: فسألته قائلًا: لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة الفاشستية فأجاب المختار من أجل ديني ووطني! فقلت: ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه؟ فأجاب الشيخ: لا شيء إلا طردكم، لأنكم مغتصبون، أما الحرب فهي فرض علينا وما النصر إلا من عند اللَّه. فسألته: لما لك من نفوذ وجاه، في كم يوم يمكنك إن تأمر الثوار البدو بأن يسلموا أسلحتهم؟
يضيف غرتسياني: ما أن سألت المختار هذا السؤال حتى نظر إلي بنظرة أرعبتني وقال لي بثقة غريمة:
"إننا لا نستسلم أبدًا. . . . نموت أو ننتصر”

ويستطرد غرتسياني حديثه "وعندما وقف ليتهيأ للانصراف كان جبينه وضاءً كأن هالة من نور تحيط به فارتعش قلبي من جلالة الموقف! أنا الجنرال الذي خاض معارك الحروب العالميةورغم هذا فقد كانت شفتاي ترتعشان ولم أستطع أن أنطق بحرف واحد أمام هذا الرجل! فانهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء”.
وتمت محاكمة المختار فعلًا بمحكمةٍ قررت مسبقًا إعدامه، وفي عام ١٩٣١ م تم إعدام هذا الشيخ الذي جاوز الخامسة والسبعين من عمره، واستشهد عمر المختار رحمه اللَّه أمام أنظار شعبه، ولكنه كان قد زرع روح الجهاد في قلوب الليبيين قبل رحيله كما زرعها ابن باديس في قلوب الجزائريين قبل رحيله أيضًا،حصد عُمر المُختار إعجاب وتعاطف الكثير من الناس أثناء حياته وأشخاص أكثر بعد إعدامه
فأخبار الشيخ الطاعن في السن الذي يُقاتل في سبيل بلاده ودينه استقطبت انتباه الكثير من المسلمين والعرب الذين كانوا يعانون من نيران الاحتلال الأوروبي في حينها، وحثّت المقاومين على التحرّك، وبعد وفاته حصدت صورته وهو مُعلّقٌ على حبل المشنقة تعاطف أشخاص أكثر، من العالَمَين الشرقي والغربي على حد سواء، فَكَبُرَ المُختار في أذهان الناس وأصبح بطلًا على الرغم من أن أيًا منهما لم يرَ استقلال بلاده الذي جاء نتيجة لجهاده
وكان الهدف من إعدام عمر المُختار إضعاف الروح المعنويَّة للمقاومين الليبيين والقضاء على الحركات المناهضة للحُكم الإيطالي، لكن النتيجة جاءت عكسيَّة، فقد ارتفعت حدَّة الثورات، وانتهى الأمر بأن طُردت القوات الإيطالية من البلاد.
whatsApp
مدينة عمان