لقد أعدّ الله تعالى منازل الكاذبين تبين سخط الله عليهم ، وتلفت انتباه العبيد ليحفظوا أنفسهم ولينتهي أقوام مردوا على النفاق ، فأول هذه المنازل أن الكذاب موعود بالخزي عند ربه بسبب كذبه . يقول رسول الله إِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا. وفي رواية في الموطأ موقوفاً على ابن مسعود : لا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب فيُنكتُ في قلبه نكتةٌ سوداءُ حتى يسود قلبه ،فيكتب عند الله من الكاذبين . ثم إن الكذاب منفىٌ عنه الإيمان .يقول الله تعالى : إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ . ولما سُئل رسول الله :أيكون المؤمن جباناً ؟قال :نعم. أيكون بخيلا ؟قال :نعم .أيكون كذاباً ؟ قال : لا . والكذاب مع الشيطان والمنافقين واليهود والكفرة والمفسدين . يقول الله تعالى : وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ . ويقول : وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُون . ويقول : أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ.
والكذاب يُعذب في قبره قبل القيامة بأشد العذاب . في حديث رؤيا رسول الله قال : فأتينا على رجل مستلق لقفاه ،وإذا بآخر قائم عليه بِكَلُّوب من حديد ، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ،ومنخره إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه ،ثم يتحول إلى الجانب الآخر،فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول ..... قال: قلت : سبحان الله!ما هذان ؟ قالا لي : انطلق انطلق . .... وأما الرجل الذي أتيت عليه يُشَرشَرُ شِدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ،فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذبُ الكذبةَ تبلغ الآفاق .