طور باحثون في معهد "بيكمان للعلوم والتكنولوجيا" الأمريكي نموذجاً متطوراً للذكاء الاصطناعي قادر على تحديد الأورام والأمراض بدقة في الصور الطبية.
وبحسب تقرير نشره موقع "ساينس ديلي"، تُوصف هذه الأداة المبتكرة بأنها مزيج بين خبير التشخيص الطبي ومساعد الطبيب ورسام الخرائط.
وتقوم الأداة الجديدة بإنشاء خرائط مرئية لتوضيح كل تشخيص، مما يسهل الفهم الشامل للمهنيين الطبيين والمرضى على حدٍ سواء.
ويمثّل هذا النموذج خطوة كبيرة في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن الأمراض والتشخيص الدقيق، مما قد يحدث ثورة في الممارسات الطبية على مستوى العالم.
وحصل الذكاء الاصطناعي، وخاصة جانب "التعلم العميق"، على اعتراف واسع النطاق لقدرته على محاكاة الوظائف المعرفية البشرية.
وتتيح الشبكات العصبية العميقة، الشبيهة بالطبقات المعقدة في الدماغ البشري، اتخاذ قرارات دقيقة من خلال معالجة كميات هائلة من البيانات.
ومع ذلك، فإن غموض هذه الشبكات، والتي يشار إليها عادة باسم "مشكلة الصندوق الأسود"، قد فرض تحديات في فك رموز الأساس المنطقي لاتخاذ القرار، وخاصة في المجالات الحيوية مثل الرعاية الصحية.
ولمواجهة هذا التحدي بشكل مباشر، ابتكر فريق البحث حلاً مبتكرًا يدمج الشفافية في عملية تشخيص نموذج الذكاء الاصطناعي.
وعلى عكس أنظمة الذكاء الاصطناعي التقليدية، التي تعمل كصناديق سوداء غامضة، ينتج النموذج الجديد خرائط مرئية، تسمى خرائط التكافؤ (E-maps)، إلى جانب مخرجاتها التشخيصية.
وتوفر هذه الخرائط الإلكترونية تحليلاً تفصيليًا لعملية اتخاذ القرار في الذكاء الاصطناعي، مع تعيين قيم رقمية لمناطق مختلفة من الصور الطبية بناءً على أهميتها في التنبؤ بالحالات المرضية.
ومن خلال التدريب الصارم على مجموعات البيانات المتنوعة التي تشمل أكثر من 20000 صورة عبر مهام تشخيصية مختلفة، بما في ذلك التصوير بالأشعة السينية، والتصوير المقطعي التوافقي البصري، والأشعة السينية للصدر، أظهر النموذج معدلات دقة ملحوظة.
وقد أظهرت التحليلات المقارنة أداءً مشابهًا لأنظمة الذكاء الاصطناعي الموجودة في الصندوق الأسود، مع معدلات دقة تتراوح من 77.8% إلى 99.1%، اعتمادًا على المهمة التشخيصية.
وسلط مارك أناستاسيو، الباحث الرئيسي في الدراسة، الضوء على قدرة النموذج على سد الفجوة بين قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة وإمكانية التفسير.
واستلهامًا من الشبكات العصبية الخطية، ابتكر الفريق منهجيات جديدة لإضفاء ميزات قابلة للتفسير على الشبكات العصبية العميقة، مما يمهد الطريق لتشخيصات شفافة وموثوقة بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
وبالنظر إلى المستقبل، يتصور الباحثون توسيع نطاق النموذج ليشمل مجموعة واسعة من الحالات الطبية، متجاوزة مجالات الكشف عن السرطان وصحة القلب والأوعية الدموية.
ومن خلال تعزيز قدر أكبر من الثقة والشفافية في العلاقة بين الطبيب والمريض، فإن هذا النهج القائم على الذكاء الاصطناعي يبشر بالخير في تعزيز نتائج الرعاية الصحية مع تمكين المهنيين الطبيين بأدوات التشخيص المتطورة.