بعد أيام من إلغاء المجلس العسكري المنبثق عن انقلاب النيجر اتفاق التعاون العسكري الموقع مع أمريكا، ودعوتها إلى سحب جنودها من البلاد، لا يزال موقف إدارة الرئيس جو بايدن تجاه الوضع يلفه الغموض.
وتضاربت إعلانات نيامي وواشنطن حول سحب الجنود الأمريكيين من النيجر، أخيرًا، ففي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة النيجرية أن واشنطن ستسحب قواتها من البلاد، نفى البنتاغون اتخاذ أي قرار في هذا الصدد.
ويثير ذلك تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستكرر سيناريو فرنسا عندما رفضت سحب قواتها من النيجر، لكنها قامت بذلك تحت ضغط احتجاجات شعبية، وإجراءات حكومية ضد وجودها الدبلوماسي والعسكري.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، بات رايدر، إنه "لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن خروج القوات الأمريكية في هذه المرحلة".
وأجاب رايدر على أسئلة صحفية بشأن وضع القوات الأمريكية في النيجر، قائلًا: "الولايات المتحدة لن تعلق على بيان النيجر القائل بأن بلادنا ستقدم خطة لسحب جنودها من البلاد".
وأضاف أنه "على حد علمي، هناك مفاوضات جارية الآن".
من جانبه، قال المحلل السياسي النيجري، محمد الحاج عثمان، إن "الولايات المتحدة ستعاند في عملية إخراج قواتها، لأن الإسراع في سحبها سيعني تقديم النيجر على طبق من ذهب لروسيا، هذا على الأقل ما تعتقده الإدارة الأمريكية".
وأوضح عثمان، في تصريح صحفي أنه "في النهاية ستسحب الولايات المتحدة قواتها، لأنه لا فائدة من العناد والدخول في مشادات مثلما حصل في السابق مع فرنسا، خاصة أن قرارات المجلس الانتقالي تتمتع بالتفاف شعبي وسياسي كبير حولها، وهو ما يشجع المجلس على عدم التراجع أمام أي تهديدات أو رفض للخروج".
وأكد أن "النيجر ستسعى إلى الضغط على واشنطن، لأن ما يرشح من تسريبات يفيد بأن سحب القوات الأمريكية هو شرط أساسي تضعه روسيا من أجل إبرام صفقة تعاون كبيرة مع نيامي، لذلك ستحاول الأخيرة إجبار الأمريكيين على المغادرة".
ولدى الولايات المتحدة الأمريكية 1100 جندي يشاركون في المعارك ضد الإرهاب وقاعدة عسكرية كبيرة للطائرات المسيرة في مدينة أغاديز.
وقبل أشهر، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية استعدادها لاستئناف التعاون مع النيجر، بعد فرض عقوبات شديدة على الأخيرة، بسبب الانقلاب الذي حصل في 26 يوليو/ تموز عام 2023.
وعلق المحلل السياسي الفرنسي المتخصص في شؤون الساحل الأفريقي، جيروم بونيه، على هذه التطورات بالقول إن "الولايات المتحدة تسعى إلى كسب الوقت، رغم علمها المسبق بأن فرنسا اعتمدت استراتيجية مماثلة في السابق مع الحكومة النيجرية، لكنها فشلت".
وأضاف بونيه، في تصريح صحفي، أن "هذا يعني أن الولايات المتحدة قد تجبر فعلًا على مغادرة النيجر، وربما سيكون من المجازفة معاندة المجلس العسكري، الذي يحاول اللعب على وتر مفردات مثل السيادة الوطنية ومصالح النيجر لحشد عموم الناس".
وقال: "أعتقد أنه سيكون على الولايات المتحدة عدم تكرار أخطاء فرنسا، والانسحاب بدون الوصول إلى معركة لي أذرع".