في جلسة صفاء نفس وجردة حساب ذاتية، وبعد قراءة آخر أربع سنوات من حياتي اكتشفت أني تغيرت كثيرا، أصبحت أقرب لشخصية المسؤول وأبعد عن المواطن الحر، أصبحت أحسب جلساتي ولقاءاتي وشكل برنامجي اليومي، وأبعد ما أكون عن اختياراتي الأقرب لروحي وذاتي، أصبحت أهتم بالمظهر أحيانا وبالكلمة كثيرا وبنوعية الأصدقاء وشكل الاتصال والتواصل، أصبحت أكثر قربا للمجاملة في كل حديثي مقارنة مع شخصيتي، حتى أني وجدت أن معدل المجاملات الكاذبة وصل 1-2 يوميا وهو ما لم أقبله سابقا، وبالرغم أني شخصية لمن يعرفني يعلم أني مباشر واضح لا أتردد في وصف موقف أو شخصية أو حالة معينة، ولا أجعل من القبيح جميلا، ولكن اليوم تمكنت من اللحاق ومحاسبة نفسي، ولهذا كان قراري «بطلت أجامل» كذبا اعتبارا من تاريخ اختيار عنوان هذا المقال.
أعلم يقينا أن «بطلت أجامل» كذبا ستكون أشبه بإبطال القبة الحديدية حولي لأبدأ باستقبال صواريخ الهجوم المضاد في وجه كل سكنة وحركة وكلمة أقولها، ستكون مدعاة لرفع الحصانة الشخصية والرسمية عني، وستعجل بشطبي من سجل المقربين ودعم المسؤولين وحماية أصحاب المصالح والمهتمين، سأكون مرفوضا وغير ملائم أو موقع خيار لصحبة أو جلسة أو سهرة أو رفقة في سفر، وسيتجاوز ذلك لمحاولة عدم ذكر اسمي أو الإشارة والتوصية بي لموقع أكان مهما أو عاديا، فأنا أشبه لكثيرين بمن يسير داخل حقل ألغام، أنا لكثيرين لست مناسبا، فأنا صورة داخلهم المخفي، أنا كلامهم الممنوع ومستقبلهم المبهم، أنا من يمثل ما لم يشاركوه حتى في خلوتهم بأنفسهم خوفا من أن يسمع همسَهم من يدوّن أخطاءهم أو يكشف غطاءهم أو يفشي سرهم.
«بطلت أجامل» كذبا على حساب الواقع سيكون منهجي كما كنت وعشت ولن أقبل بغيره، ستكون سياستي التي أسير وأشارك الآخرين بها، سأعيد تدريب نفسي من جديد لأكون أكثر مباشرة ووضوحا، وسأبحث في كل مجاملة كاذبة أطلقتها لعلي أعيد تصويبها أو أحاسب نفسي، سأجرم كل من ساندني ويعلم الصواب وقتها، وسأحاسب كل من لم ينف كلامي عندما كان مخالفا، سأشطبهم من قاموس حياتي فهم شركاء التضليل وعنوان التهويل وشكل التزوير، هم نموذج مصالح الأنس الخاصة بثوب المصلحة العامة، نعم؛ سأعلنهم للجمهور دون تردد، فأنا أعلنت حربي ولن أقبل تراجعا ولن أجعل في عقلي ما يرهقه، ولن أقبل تكييف دماغي مع المجاملات الكاذبة، ولن يكون همي مراقبة سلوكي، وتقييم ردود أفعال الآخرين اتجاهها، فليس هناك ما أخفيه أو أسعى لضمان قبوله ما لم يكن صدقا بحق.
ما قررته ليس حلما أو كابوسا مزعجا أفقت منه، ما قررته ليس حديثا سمعته من نائب أنهى مدة المجلس القانونية أو وزير يوشك أن يتغير أو مسؤول تقاعد حديثا أو مدير لمؤسسة أو دائرة أو هيئة او شركة حكومية، أقسم ليكون الأفضل والأصدق في تصريح له أو بيان انتخابي نشره، ما قررته هو إرادة حرة لمواطن قد بدأ إلى جانب هذا القرار لتدوين كل موقف كذب أو مجاملة سمعها أو عايشها أو شهد حضورها ليصدر بعدها كتابين بقصص حقيقية من حياته أنصح الجميع بقراءتهما مسبقا، أحدهم عنوانه «أقصر الطرق للإقصاء أن تكون صادقا» والآخر «أفضل الخيارات لصديق أن لا يكون مجاملا كذابا».