مقال بقلم خلدون ذيب النعيمي ماجستير في الدراسات الاستراتيجية والاعلامية .
لا يخفى على احد ان الغاية التي وجدت من اجلها النقابات المهنية هي متابعة شؤون اعضاء المهنة لديها سواء في ميدان العمل وحماية حقوقهم لدى مختلف الجهات علاوة على محاولة ضمان حياة كريمة لهم واسرهم بعد التقاعد بعيداً عن الوقوع بخانة الحاجة بعد حياة حافلة في خدمة وطنهم بمختلف المجالات ، وهذا هو الشيء الذي كان يرى فيه الكثيرون انه المقياس الوحيد لمدى نجاح النقابة بعملها من خلال ما تقدمه لأعضائها ، ولكن بوقتنا هذا لا تستطيع أي جهة سواء في القطاع العام او الخاص او حتى النقابات ومهما امتلكت من مقومات بشرية او مالية ان تنأى بنفسها عن المجتمع المحلي الحاضن لها ومحاولة عمل التواصل الدائم والشراكة مع مختلف اطيافه ، وهذه الجزئية بالذات في علم الادارة العامة الحديث هو عنوان النجاح المؤسسي منذ مطلع الالفية الثالثة الحالية والذي يتمثل بضمان بدعم هذا المجتمع للمؤسسة او الشركة او النقابة ومحاولة استمالته الى جانبها في عملها .
وجهت لي دعوة مؤخراً لحضور الندوة التي نظمتها فرع نقابة المهندسين في محافظة المفرق والتي رعاها نقيب المهندسين الاردنيين المهندس احمد سمارة الزعبي حول واقع وطموح الاحزاب الاردنية في الانتخابات النيابية القادمة حيث كنت مدعواً لحضورها والادلاء بما لدي في هذه الندوة بما يحقق الغاية التي تم تنظيمها ، وحقيقة برز التنظيم الجيد للندوة من عدة محاور اولها اختيار عنوان يناسب هذه المرحلة في تاريخ الوطن والمنطقة وبقوة حيث لا يخفى ان هنالك جهلاً لدى الكثير من فئات المجتمع بالية مشاركة الاحزاب في الانتخابات علاوة على التعريف بها من الاصل لدى المواطن الاردني بكافة مناطقه ومحافظة المفرق بألويتها وبواديها لا تشذ عن هذا الامر اذا لم يكن لها الاولوية بهكذا نشاطات نظراً لوجود مناطق بعيدة ونائية عن مركز المحافظة ، اما المحور الثاني فكان الاختيار المناسب للمتكلمين من الاحزاب بما يمثل مختلف اطياف الاحزاب الموجودة على الساحة الوطنية وشخصيات تمثلها كانت بمواقع رسمية سابقة او برلمانية من داخل المحافظة وخارجها .
احياناً كثيرة تعبر الرتابة المملة في النشاط التوعوي والاجتماعي في المحاضرات والندوات وميدان العمل عن الجمود وعدم التفاعل وهو الشيء الذي بالمناسبة افتقرته الندوة بالنظر للنقاش وتبادل الافكار والاراء الذي حصل بين المتكلمين الحزبيين والحضور الكبير الذي لم تتسع الصالة له على الرغم من اتساعها ، وهو هنا وحتى لو ارتفعت الاصوات في الصالة فهي دليل على النجاح الذي حققته في استثارة الافكار والاراء البينية لتكون مسموعة ويعي الجميع ما يدور ببال الطرف الاخر حول موضوع الندوة وبالتالي تحقيق الهدف التوعوي الذي نظمت من اجله الندوة ، فمجرد النجاح في تفعيل العملية الاتصالية بين طرفي الرسالة بحيث يكون ايجابيا بين طرفي العملية هو نجاح يحسب بلا شك لمنظم العملية الاتصالية ككل وهو الشيء الذي يحسب هنا لفرع نقابة المهندسين الذي نظم هذه الندوة والتي حضرها الشاب وكبير السن والمرأة والطالب وشيخ العشيرة والاكاديمي والاقتصادي والعامل والمواطن العادي بتوليفة رائعة ومتكاملة تمثل مجتمع المحافظة بألويتها الخمسة .
النجاح لا يقف عند نقطة معينة ليكون نهاية مشوار العمل بل هو بحاجة لتطويره لمجاراة كل حديث يطراً وبالتالي الحيلولة ان يصبح هذا النجاح منفصلاً عن واقعه ، وفرع نقابة المهندسين في المفرق كان له نشاطه ايضاً في تحسس حاجات المجتمع المحلي المعيشية في هذه المحافظة التي تأوي الجيوب الاشد فقراً على مستوى المملكة وايضاً ترميم بيوت العائلات الفقيرة ، وهنا تبرز رسالتان اولاهما للمهندسين النشيطين مجدي العموش رئيس مجلس فرع نقابة المهندسين في المفرق واشرف جرار امين سر الفرع رئيس اللجنة الثقافية الاجتماعية بان محافظتكم العزيزة بحاجة لتعميم رسالتكم التوعوية والاجتماعية و الثقافية بحيث تشمل كافة مناطق المحافظة .. واعي تماماً هنا ان اتساع المحافظة التي تشكل الثانية على مستوى الوطن وبمدى يزيد عن 300كم بين شرقها وغربها لن يكون الا حافزاً لكم في رسالتكم وانا المطلع جيداً على نشاطكم الدائم وستجدون حتما من يدعمكم في هذا المجال ابتداءاً من نقيبكم المثابر راعي الندوة الذي التقيته وابدى استعداده لدعم كل نشاط في هذا المجال خدمة للمفرق واهلها وصولا لكافة الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص ، اما رسالتي الاخرى فهي لنقابتنا المهنية الموقرة وفروعها في مختلف محافظات الوطن ان يكون لكم قدوة حسنة في خطوات النجاح الكبيرة كما في فرع مهندسي المفرق الذي التحم بمجتمعه المحلي من خلال تحسس حاجاته التوعوية والاجتماعية والثقافية فمعيار النجاح كما تم ذكره في بداية المقال تجاوز الاهداف التقليدية الى كسب تعاون المجتمع المحلي في العمل من خلال احساسه بالاهتمام بتطوره وتوعويته .