الزرقاء ، اللوحة و فسيفساء الهوية الوطنية والنمط للعادات والتقاليد الاجتماعية الأردنية ، ونشاط العجلة الاقتصادية، ونبض الحياة السياسية ، وروح الحركة الثقافية الزرقاء سيدة الابعاد الثلاثية بل الرباعية ، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية ، فأن تحدثنا عن البعد الاجتماعي ، ستدهشك بفرادة التنوع والتعددية ، وكثافتها السكانية المليونية ومدى انصهار ملامحها الثقافية البدوية والريفية والمدنية معا ، لتكون تلك الخيمة التي أحتضنت جميع أطياف ومكونات العشائر الأردنية ، و تعكس أبهى صور الوحدة الوطنية و تماسك الجبهة الداخلية ، فلا شرقي ولا غربي ولا شمال و لا جنوبي ، الفة و تعايش ديني وانسجام شعبي ، وطن واحد وشعار واحد ، الكل فيها يحمل مشاعر الاعتزاز بأنني أردني .
وأما في البعد الاقتصادي ، والحديث عن أهمية الزرقاء الاستراتيجية فهي محافظة المصانع و الصناعة والمدن الصناعية والتجارية ، ومراكز الإنتاج و التوزيع و انتاج الطاقة ، و مصدر القوى العاملة المهنية ، وكفاءات الكوادر البشرية ، التي ترفد الوطن بالخبرات القادرة على التخطيط والتنفيذ وإقامة المشاريع المحفزة للاقتصاد والمواكبة لمتطلبات السوق وخلق فرص العمل ، وهذا الطرح ليس للتنظير فهناك ارقام وشواهد يستطيع أي مواطن البحث والرجوع لها ليجد أن الزرقاء من اهم المحافظات التي تشكل دعامة ورافعة من روافع الاقتصاد الوطني الاردني.
وبالانتقال للحديث عن البعد السياسي ، تشكل الزرقاء معقلا وبيادر وحقولا للعديد لمختلف القوى والتيارات السياسية الموزعة على طول المسطرة الحزبية الفاعلة في الحياة السياسية الأردنية والنقابية ، التي تضم اليمين ويمثله تيارات الدين السياسي والوسط ونقطة ارتكازه العشائرية ، وفي يساره حيث القوى اليسارية والقومية والديمقراطية .
وأما البعد الثقافي ، لم تغب يوما الزرقاء عن الساحة الثقافية او تغيب الفعاليات عن مسارحها أو الندوات في انديتها وصالوناتها الثقافية والأدبية .
وللحديث عن هذه الابعاد الاربعة دلالة وإشارة قوية على حيوية الزرقاء وأهميتها كجزء هام من جسد الوطن الاردني العظيم ، فهذه الابعاد التي رسمتها الزرقاء جعلت منها تجسد مجسم الاردن الدولة والوطن وتعكس الحال العام لأوضاعه و شؤونه على مختلف الأصعدة والمستويات في أبعادها الاربعة ، ولكل من يرغب في الحصول على قراءة سريعة لدراسة مؤشرات الأداء والقياس فأن الاختيار سيقع على الزرقاء .
اهلنا وشعبنا وعشيرتنا و أحزابنا في الزرقاء ، الكل يعلم أننا في محافظة غنية ، نعم هي غنية بتاريخها وارثها و سيرة رجالها و شعرائها ومثقفيها وشهدائها وعسكرها وعمالها الفقراء الكادحين ، لكن لم يمنع هذا الغنى الزرقاء بأن تتجنب مظاهر المعاناة والبطالة والفقر وأفة المخدرات و مواجهة التحديات و الصعوبات التي كانت نتاج عوامل أقليمية ومحلية الكل يعرفها تأثيرها على سائر البلاد ، بالاضافة لغياب سجلات الانجاز و الخدمات أو للأمانة تباطؤ التخطيط والتنفيذ لمشاريع ملموسة ، وخاصة من جهة بعض الهيئات المنتخبة والتي يعود أسبابها أما لضعف الموارد أو ضعف الأداء والتمثيل أو عدم توفر الدعم التشريعي الكافي من نوابها بالضغط وتسليط الضوء على ما ينتظره أهلها ويخاطب طموحاتهم وتطلعاتهم ، الأمر الذي زاد العبء على مؤسسات و مسؤولي الدولة في الزرقاء وجعلهم في واجهة المسؤولية لكن يسجل لهم و لمحافظها من باب حق الاشادة والاشادة و محافظها عطوفة حسن الجبور ، قدرته و أستيعابه لواقع الحال و استجابته معه بأتباع نهج التفاعل والتعامل المباشر مع الشارع وحراكه وحركاته ومحركاته والتنسيق والتنسيب مع ما يناسبه من قرار ، فعلى الصعيد السياسي لم يتأخر عن جميع القوى السياسية الحزبية بالتفاعل مع مخرجات ومتطلبات منظومة التحديث السياسي ، فأتاح إقامة الندوات والمحاضرات والفعاليات السياسية الحزبية والشعبية ، بل في عهده عادت هذه الفعاليات و المسيرات الوطنية الحزبية لشوارع الزرقاء بعد انقطاع عنها لأكثر من عقد ، و عمل على توفير الحماية القانونية والأمنية لها والتزامها بالسقوف والثوابت الوطنية ضمن مساحة الحرية التي ضمنتها المواد الدستورية ، مزامنا هذا الاهتمام بأن أظهر حرصه على احترامه للبيئة الاجتماعية العشائرية وتواصله مع جميع ممثليها ومجالسها وهيئاتها وكيف لا وهو ابناء أحد أعرق عشائر هذا الوطن بني صخر حمر النواظر ، في رسالة تقول إن العلاقة مابين العشائرية والحزبية علاقة انسجام و وئام ، ولعله ترجمها في تحضيرات الزرقاء لاستقبال الزيارة الملكية ، والتعبير بكل عفوية شعبية ومصداقية و تلقائية كما هي الزرقاء واهلها .
في احدى زياراتي لدار المحافظة سألته عن اكثر ما يشغله كمحافظ للزرقاء على المنظور البعيد والقريب ، فأجاب : أمنها واستقرارها و رفع مستوى وعي و معيشة أهلها السياسي والاقتصادي ، بأن نشارك في العملية الانتخابية القادمة مشاركة فاعلة واسعة ، تفرز تمثيلا حقيقيا بمستوى عال تستحقه الزرقاء يسهم في الرقابة وحث الحكومات على المزيد من الاستثمارات في الزرقاء فينعكس إيجابا على اهلها و خدماتها الصحية والتعليمية وبنيتها التحتية التي هي مسؤولية جماعية .
السؤال الذي اختتم به هذا المقال هل نستطيع أن نصنع من محافظة الزرقاء عاصمة الاقتصاد الوطني الاردني ونموذج الاردن في التجربة الحزبية الديمقراطية ، وجودة الخدمات التعليمية والصحية والمعيشية ، هل نستطيع يا اهل الزرقاء ؟