عبر رسائل البريد المنسية، ألقت عندي إمرأة التحية، رددت عليها، فقالت: يا أخيه، مؤكد أنك عرفت أني إمرأة غزية، وكأن حشرجة صوتها سكبت مرارة في حلقي، وكأن حروف معاناتها ضمير مستتر قدر على بريدي لتقول لي: أخاطبك أنت، لأني قرأت لك عدة كتابات، أرجو منك إيصال معاناة نساء غزة لكل العالم، تعبنا يا أختاه، خارت قوانا، بيوتنا مسحت عن الأرض، بعد أن رسمنا أحلامنا في كل ركن فيها، نحلم أن نتذوق طعم الأمن والأمان، لكن ذقنا كل أنواع الموت، هل عرفت يا أخية أن للموت أنواع وأشكال غير الموت الذي تعرفينه، لدي تليف رئوي وأعيش على البخاخات، فنسف دوائي مع بيتي وبقي دائي، وبت أشم أسوأ أنواع الدخان، ومخلفات القنابل وصواريخ العدو،كانت لدي مزرعة أعيش منها أنا وأولادي، قصفها العدو بقنبلة، بالله عليك أوصلي رسالتي لكل العالم يا أختاه، ربما لن تسمح لي الحرب بقرائتها، لكن سيقرأها العالم، عل الضمائر تشتعل غيرة على نساء عربيات، وحرائر تم الحكم عليهن بالموت البطيء، سمعت أن للمرأة حقوق، وسمعت أن الأطفال محميين بقوانين دولية " تبت القوانين الدولية الكاذبة" إبنتي وزوجة إبني حوامل، تعرفين أن الحامل تأكل عن أثنين، لكنهن لا يجدن كسرة خبز واحدة ، وتعرفين أن النساء لديهن حاجات خاصة عند ولادتهن، وجدت علبة مرق طعام مجفف وطهوتها لهن، شققت أروقة الخيام ولففت بها الأطفال ممن لديهم حقوق دولية، وأمهات جف حليبهن مثل جفاف ضمير البشرية.
هذا حالنا يا أختاه ، وصفت لك فقط قصاصة من كتاب كبير ، رغم كل شيء متشبثين بالأرض والأمل ، أمشي مسافات أجوب الحي بالكامل، أحاول أن أقدم ما استطعت من المساعدة ، ولكن ضيق الحال فتك بنا، هذا حال نساء غزة.