شهران ونصف لم أستطع أن أواصل كتابة اليوميّات.. كنتُ أظنّ حين بدأتُ بأنني لو كتبتُ كلّ يوم عن حياتي في الجامعة الأردنية سأبقى مُقصِّرًا لتراكم الأحداث وزخمها؛ وهي كذلك والله.
ليس كلّ ما يُرى يُقال أو كما يقولون ليس كل ما يُعرف يُقال.. وها أنا أرى الكثير وأعرف الكثير اللذين لا أستطيع قولهما الآن.. لذا؛ أشعر بالجُبن والتخاذل.. بل أنا لستُ أنا..! أين "أبو وطن" الذي يثير الزوابع ويقف في وجه العواصف؟ أين "كامل" الذي أعرفه ويعرفني ويثور لبلادة موعدين متتاليين فكيف إذا كانت المواعيد ستّةً متتالية بلا اهتمام من طرف الواعد؟ أين القيمة المضافة التي أصنعها حيثُ ذهبتُ وأينما حللتْ..؟! كيف استطاعت أن تحوّلني الجامعة الأردنية إلى (روتين أخرس) يسكتُ وهو يرى الأخطاء والأخطار وانهيار منظومة العلم والتعليم والتعلّم..؟!
انهيتُ الفصل الثاني وها أنا في الصيفي.. ولم أُنهِ حسابي لذاتي.. كثيرة هي الأشياء التي حدثت وتحدث معي ولم أستطع – لِجُبني- الحديث عنها.. ولكن السؤال الكبير: هل أستطيع الصمود جبانًا كلّ الوقت..؟! يحسم جواب هذا السؤال خياران لا ثالث لهما: إذا أردتُ العنبَ دون مواجهة الناطور فسأكمل ما تبقّى صاغرًا وأحصل على شهادة البكالوريوس عجوزًا طاعنًا بالتقاعد، والخيار الثاني أن الشهادة / الورقة بعد هذا العمر (مش فارقة معي) فأقوم وأستنهض بداخلي الصعلوك الذي لا يرتاح ولا يجعل أصحاب المواعيد والقرارات الإدارية يرتاحون...؟!.
شيء في داخلي يتحرّك ويمور.. ضميري يؤنّبني كل ساعة.. لستُ مرتاحًا لِجُبني.. وأنا الذي لستُ أنا الآن؛ أعرفني وأعرف أنني سأواصل كتابة اليوميّات ولو بشكل متقطِّع وأعرف معها أنّ لجبني حدًّا لن أتجاوزه كما أن للصبر حدودًا وبعدها ستصبح (الشهادة / الورقة) مش فارقة معي.
اعذروني.. إنّي أترنّح الآن وقريبًا سأُفيق من أثر الترنّح.. وسأكون أنا..!