عُرف عن العرب منذ القِدم حبّهم لاستئناس الحيوانات المتوحّشة لاتّخاذها وسيلة في الصيد. وكان من أشهر ما استأنسه العرب وخاصةً في منطقة شبه الجزيرة العربية، طائر الصقر المعروف بضخامة حجمه وبسالته وعزة نفسه.
لم يقتصر صيد الصقر على استعماله في الصيد فقط، فمع التقدّم بالزمن وتغيّر وسائل جمع الغذاء، حيث أصبح الطعام مُتاحًا بوفرة ولم تعد هناك حاجة للاستعانة بالحيوانات من أجل الصيد وتوفير الطعام، لكن استئناس الصقور استمر، وعُرف من يُربي صقرًا باسم "صقّار”. وأصبح هناك مناسبات رياضية واجتماعية تُقام على شرف الصقور وأصحابها، مثل المعرض الدولي للصيد والفروسية، حيث يستعرض فيه الصقّارون مهاراتهم في ترويض الصقور وتطويعها وتدريبها على الصيد.
وإن كُنت من المهتمّين بحضور هذه المهرجانات، أو سبق أن شاهدتَ صقرًا برفقة صقّار، فلعلكّ لاحظت حرص الصقّار على تغطية رأس صقره بقطعة جلدية تُشبه الخوذة إلى حدٍ كبير في شكلها، يتم فيها تغطية عيني الصقر. هذه القطعة الجلدية وعلى الرغم من صغرها لكنها في غاية الأهمية للصقر والصقّار على حدٍ سواء.
"برقع الصقر” هو ما تُعرف به هذه القطعة الجلدية التي تُوضع على رأس أي صقر يتم اصطياده بهدف ترويضه وتدريبه. هذا البرقع يضمن أن يُحافظ الطائر على هدوئه ويسهل الاقتراب منه والتعامل معه، دون أن يُبدِ أي نوع من أنواع المقاومة، ما قد يُعرّضه للأذى أو يؤذي من حوله بهجوم مباغت.
ويتوجّب على الصقّار أن يختار برقعًا مناسبًا لرأس الطائر بحيث لا يكون ضيقًا فيتعلّم الصّقر الصيح، وهي عادة غير مرغوبة في الطيور. وإن كان البرقع واسعًا ويستطيع أن يرى الطائر من خلاله، فإنه يتعلّم الخفاق المستمر ويُسبب فزع الطائر وخوفه، ما قد يُصعّب من عملية تدريبه ويُصبح التحكم به صعبًا للغاية...