في حديث تاريخي محفور في ذاكرة السينما العربية، قدم المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد رؤيته العميقة حول كيفية توصيل قضايا العرب للعالم الغربي. حين سئل عن سبب اختياره للنجم العالمي "أنتوني كوين" لتجسيد شخصية البطل عمر المختار في فيلم أسد الصحراء، رد العقاد قائلاً: "لكي يقتنع الغربيون بقضيتنا وبالظلم الذي لحق بنا، لا بد من تقديم قضيتنا من خلال وجوه يعرفونها ويحبونها. فلا أحد في الغرب سيشاهد فيلماً عن العرب يقوم به العرب، ولكن بهذه الطريقة نقوم بلفت نظرهم وحثهم على مشاهدة ما نقدمه وبالتالي تفهم حقيقتنا ومعرفة قضايانا."
اختيار العقاد لم يكن قراراً فنياً فحسب، بل كان استراتيجية ثقافية واعية، ترمي إلى توصيل رسالة عربية تحملها وجوه مألوفة لدى الجمهور الغربي. فعبر هذا الاختيار، نجح العقاد في جعل المشاهدين الغربيين يتعاطفون مع البطل العربي، ويدركون جوانب جديدة عن كفاح الشعوب العربية ضد الاستعمار.
مصطفى العقاد، الذي رحل عن عالمنا في عام 2005، لم يكن مجرد مخرج، بل كان جسراً يربط بين الثقافتين الشرقية والغربية. تميزت أعماله بقدرتها على طرح القضايا الإنسانية من خلال دراما سينمائية مؤثرة، جعلت الجمهور الغربي يشاهد هذه القضايا بعيون مختلفة، مقدماً صورة للعرب بعيداً عن النمطية السائدة.
من خلال أفلام مثل الرسالة وأسد الصحراء، استطاع العقاد أن يكتب صفحة من تاريخ السينما تتحدث عن العرب بلغات متعددة، لترسخ هذه الأفلام في ذاكرة العالم كأعمال فنية وإنسانية، تعبر عن جوهر النضال والكرامة العربية.