في تراثنا الشعبي، تبرز حكايات ذات دلالات عميقة، إحداها قصة الراعي "سعد" الذي ارتبط اسمه بإحدى أشد فترات الشتاء برودة، والمعروفة بـ "سعد الذابح".
تبدأ الحكاية عندما قرر سعد، وهو شاب راعٍ، الخروج بقطيعه في رحلة رعي بعيدًا عن قريته خلال أيام المربعانية. رأى الشمس مشرقةً وظنّ أن الشتاء قد ولّى، متجاهلًا تحذيرات والده وكبار السن الذين نصحوه بأخذ ما يقيه برد الشتاء القارس من فراءٍ وحطب. واثقًا بقراره، حمل ناقته وخرافه وانطلق في طريقه.
لكن الطقس كان له رأي آخر. إذ هبّت عاصفة جليدية مفاجئة، وتساقطت الثلوج بغزارة، لتجد قافلة سعد نفسها في مواجهة برد لا يُحتمل. اشتدّ الصقيع حتى باتت حياته مهددة بالخطر. لم يكن أمامه خيار سوى التضحية بناقته، فذبحها واحتمى داخل أحشائها الدافئة، مستخدمًا فروتها درعًا يحميه من الموت تجمدًا.
ومنذ ذلك اليوم، ارتبطت هذه الحادثة بفترة "سعد الذابح"، والتي يُقال إنها تمتد من الأول من فبراير وحتى منتصف يوم 13 فبراير، حيث تبلغ البرودة ذروتها.
وقد خلّد التراث الشعبي شدّة قسوة هذه الأيام في قولهم:
"سعد ذبح، كلبه ما نبح، وفلاحه ما فلح، وراعيه ما سرح."
تظل هذه القصة تذكرة بضرورة الحذر من تقلّبات الشتاء القاسية، وتحمل في طيّاتها درسًا عن أهمية الاستماع إلى تجارب السابقين.